سيكولوجي بالعامية (٢): ليه ممكن نختار شريك حياة غير مناسب؟

المقال رقم 2 من 3 في سلسلة سيكولوجي بالعامية

من أصعب الاختيارات في الحياة إنك تختار شخص واحد تكمل معاه بقية حياتك؟ لإن ده معناه إنك بمجرد ما تختار شخص معين، فإنت بتتخلى عن كل الاختيارات التانية اللي كان ممكن تختارها بداله! بس هل ده معناه إنك كده كده هتختار غلط؟ البوست ده فيه ٦ أسباب نفسية ممكن تتسبب في ده، ولكن طبعًا فيه أسباب تانية.. دي مجرد الأسباب الأوضح والأكثر شيوعًا.

إنك مش بتحب نفسك كفاية: لما شخص يتعامل معاك بطريقة مش كويسة.. ويبدأ يتعامل معاك بطريقة فيها عنف وتحكم وإساءة.. رد فعلك التلقائي بيكون… أنا عملت إيه غلط خليته يوصل لكدا؟ أنا اللي عصبته ومعرفتش أحتويه… ولكن .. في الحقيقة إنه إننا مبنحبش نفسنا بالشكل الكافي… وبالتالي… بنلوم نفسنا على التصرفات السلبية اللي قام بيها الطرف الثاني، فمتمشيش من العلاقة.. لإن عقلك بيقولك إنها غلطتك مش غلطته، وبالتالي هو معملش حاجة غلط يستاهل تمشي عشانها.. والعلاقة تستمر.. في حين إن ممكن اللي حواليك يكونوا شايفين بوضوح… إنك لازم تمشي… عدم حبنا لنفسنا بالشكل الكافي بيخلينا نشوف إن هو ده الشخص اللي انا استحقه، وإنك متستحقش حد كويس.. وكأن عقلك بيقول لنفسه، ما هو مفيش حد كويس ممكن يبصلي اصلًا..

2. إنك خايف من الوحدة: جزء كبير من استمرارنا ف علاقات مسيئة هو تصورنا إننا لو سبنا الشخص ده.. مش هنلاقي حد تاني.. فبيبقى الدافع اللي بيخليك تكمل.. هو إنك خايف من الوحدة.. اللي هاتيجي لو سبت الشخص ده… ولكن… هو مليان عيوب… فعقلك بيستخدم تكنيك نفسي اسمه الـ cognitive dissonance وده ببساطة معناه إنه لما عقلك بيدخله معلومتين متناقضتين، بيدَّخل واحدة زي ما هي … ويغير المعلومة التانية عشان تبقى متوافقة، أو ماشية، مع المعلومة الأولى… ده ببساطة لإن العقل البشري مش مصمم إنه يستوعب التناقضات…. عشان كدا بيغير معلومة من الاتنين.. معلومة رقم ١: لو سبته هافضل لوحدي، معلومة رقم ٢: بس هو مليان عيوب. عقلك بيغير المعلومة التانية من (هو مليان عيوب) لـ (أنا هحاول اغير العيوب دي) ولكن ده طبعًا مش بيحصل… نفس التكنيك ده بيحصل في تبرير السلوك المُسيء، زي مثلًا إن شخص يدّعي إنه بيحبك ولكنه في نفس الوقت بيرتكب سلوكيات مسيئة في حقك.. عقلك ممكن يغير أو يعدِّل المعلومة التانية )إنه شخص مُسيء( إلى معلومة مختلفة تمامًا بتقول إنه “بيحبني بس أنا باخليه يتعصب أو ينفعل عليَّ ساعات”.

عقلك بيميل إنه يحافظ على المألوف )اللي إنت متعود عليه(: في أحيان كتير، إحنا مش بنختار اللي يخلينا مبسوطين زي ماحنا فاكرين.. ف الحقيقة عقلنا مُصمم إنه يختار الاختيار المألوف على حساب الاختيار الأفضل، وبالتالي، ساعات كتير بيختار شخص يعاملنا بالطريقة اللي متعودين نتعامل بيها أو نتحب بيها.. إحنا بنحب وإحنا كبار بنفس الطريقة اللي اتحبينا بيها واحنا صغيرين.. بس مشكلة الحب اللي تلقيناه واحنا صغيرين هو إننا بدرجات متفاوتة عانينا وتعبنا فيه.. ولما كبرنا بقينا عايزين نـ recreate أو نعيد تكوين المشاعر اللي اتعودنا نحس بيها زمان.. واللي مكانتش كلها حلوة.. وبنلاقي نفسنا بنختار ع الأساس ده غصب عننا.. بس إحنا نعرف إزاي الطريقة اللي احنا اتعودنا عليها دي؟.. لو بنت أهلها بيزعقولها ع طول، عقلنا هيترجم ده إن اللي بيحب حد بيزعقله، فلما تكبر هاتنجذب لشخص بيزعقلها برده.. لو أهلها بيسيئوا ليها بأشكال مختلفة.. هتلاقي نفسها بتتشد لشخص عصبي ممكن يعمل كدا.. لو أهلها متسلطين ومش مدينها أي حرية.. لما تكبر هاتتشد لشخص متسلط بياخد القرارات بدالها ومش بيديها أي حرية ف العلاقة.. لو أهلها أهملوها معظم الوقت.. هاتنجذب لشخص بيتعامل معاها بنفس الإهمال معظم الوقت وبدرجات متفاوتة.. لو أهلها كانوا بيهتموا بكل تفصيلة في حياتها زيادة عن اللزوم.. هتنجذب لحد بيهتم بيها 24 ساعة بنفس الشكل المَرَضي ده.. وهكذا.. حسب إزاي كانت بتتحب وهي طفلة.. لإنها مش هاتحس إنه بيحبها بشكل حقيقي غير لما يعمل كده.. لما يحبها بالطريقة دي.. حتى لو طريقة غلط.. لإن ده أصلا سبب انجذابك للشخص ده من الأول..

إنك شايف الشخص الكويس ممل. وبالتالي الشخص السوي.. جايز جدًا يكون بيهدد فكرة الحب اللي إحنا متعودين عليها… واللي فيها بنتعب بطريقة معينة.. ده بيخلينا ساعات كتير نشوف الشخص الكويس ده ممل أو مش مناسب بالنسبالنا.. لإنه مش هايقدملنا المشاعر السلبية المتعودين عليها مع الحب.. فعقلنا بيروح يختار اللي هايحبونا بالطريقة الغلط… أو اللي فيها إساءة بشكلٍ ما.. لإن هي دي الطريقة اللي اتحبينا بيها وإحنا صغيرين.. الاكتشاف ده كان ثوري ف العلاج النفسي، لإنه فسرلنا ليه الناس ساعات بتختار اختيارات غريبة وتبدو غير مُبررة. وفهمنا إزاي طفولتنا بتأثر علينا لما نكبر. وإزاي عقلك عايز يفضل جوه الـ comfort zone بتاعته ف الحب.. وميجربش حاجة جديدة.. سواء الأب المهمل أو الأم المتسلطة.. حد فيهم بيحدد بدرجة ما نمط الحب اللي هتسعى إنك تحصل عليه بعد كدا.. فيه إحصائية بتقول إن لو واحدة جوزها مد إيده عليها.. 90% دي مش أول مرة، وإنه تمت إهانتها من أهلها بشكلٍ ما قبل كده.. مفيش حد مش عايز يبقى مبسوط ومع حد كويس.. بس للأسف عقلك غصب عنك بيتشد للناس اللي مبيعرفوش يحبوك غير بالطريقة المألوفة بالنسبالك بكل الغلط اللي فيها، وف الاخر العلاقات دي نسبة كبيرة منها بينتهي بالزواج..

عقلك بيتلاعب بقانون الاحتمالات. مفيش أي طريقة نقدر نعرف بيها إذا كان الشخص اللي اتعرفنا عليه ده… على الأقل بشكل خارجي، مستقر عاطفيًا من الداخل ولا لأ.. وبالتالي فيه احتمال 50% يكون شخص سوي، و50% يكون شخص مش سوي، والحقيقة إننا بنخرج للحياة من مرحلة المراهقة على أمل إنْ فيه طريقة تعرفنا إزاي نختار… ولكن بنكتشف أد ايه الحياة عشوائية … وإنه زي ما كان اختيارنا زمان منحصر في جارتك أو زميلتك في الشغل أو النادي، أو جواز صالونات.. قلة المعلومات دي عن الشخص ف الجواز … بتخلينا مش عارفين ايه اللي هاينجح وإيه اللي هايفشل.. عقلك بيحاول يهرب أو يتخلص من الحيرة دي بإنه يميل إنه يرجح كفة احتمال إن الشخص يطلع كويس.. لإنه زي ما قلنا، عقلك مش متصمم يستوعب التناقض والعشوائية.. وبيحاول يقلل منها على اد ما يقدر.. وبالتالي ده بيديك دافع إنك تكمل ف العلاقة.. واختيارك ساعتها بيبقى عشان عقلك بيحاول يتخلص من وجع الدماغ!

ظاهرة الـ mate-choice copying. اتنين علماء ألمان ف 2001 اسمهم Schmitt and Buss .. قرروا ياخدوا الظاهرة دي، المشهورة في الحيوانات.. وترجمتها الحرفية نسخ دوافع الاختيار.. وهي إن الأنثى بتنجذب أكثر للذكر اللي اختارته أكتر من أنثى تانية في نفس القطيع.. ويشوفوا إذا كانت موجودة ف الإنسان كمان ولا لأ… ولقوا إن الشخص بينجذب لشخص تاني أكتر.. لما يعرف.. إن الشخص ده فيه ناس تانية بتحاول توصله.. لإن عقله بيترجم ده إلى إنه طالما البنت دي فيه ناس كتير بتتقدملها… يبقى أكيد عندها ما يؤهلها لكدا، وإنها شخص مناسب.. والبنت، لو عرفت إن فيه ولد بنات تانية بتحاول توصله.. ده بيخليه ف نظرها .. جذاب جدًا.. حتى لو هو في الواقع مش جذاب للدرجة دي.. وده بيفسر.. ليه ممكن شخص ينجذب لشخص تاني في علاقة أصلا؟ برغم أنها عمرها ما انجذبت له قبل كده.. لإن عقلها بيقولها إنه أكيد فيه مواصفات كويسة.. طالما فيه بنت تانية اختارته..

في النهاية: جزء من النضج هو إنه يكون عندك الشجاعة الكافية إنك تخرَّج بعض الأشخاص من حياتك. وساعات كتير بنخاف نعمل ده.. وده بيخلينا نحتفط بعلاقات مؤذية ومسيئة.. الحل إننا نحاول نكون واعيين بالطريقة اللي اتحبينا بيها زمان.. وإزاي ده ممكن يكون بيأثر ع اختياراتنا بعد كده.. عشان نقدر نخرج بره الـ comfort zone دي.. وبدل ما تنجذب لـ شخص مألوف.. ندور على شخص سوي..

جزء من سلسلة: سيكولوجي بالعامية<< سيكولوجي بالعامية 1: كيف تتغلب على صدمة نفسيَّة؟سيكولوجي بالعامية ٣: ليه بنحس بالملل وانعدام الطاقة؟ >>

Similar Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *