التأثير العاطفي للغة المجازية
MA in Applied Linguistics and TESOL, Portsmouth University, United Kingdom. His current research areas are Critical Discourse Analysis, Gender Relations, Religious Literature, and Hermeneutics
———————-
سنة 2012 إتنشرت ورقه بحثيه بعنوانToll Booths on the Information Superhighway? Policy Metaphors in the Case of Net Neutrality حاول فيها Todd Hartman يحلل تأثير ال metaphors على رأي الناس بخصوص سياسة إستخدام الإنترنت. قبل كتابة الورقه البحثيه دي كان في جدل طويل بخصوص ما إن كان من حق شركات الإنترنت التحكُّم في سعر الخدمه بحسب نوع البيانات اللي بيتناقلها العميل، بحيث بعض طرُق إستخدام الإنترنت تكون أكثر تكلفه من الطرق التانيه.
———————-
اللي Hartman عمله كان تجربه من جُزئين. في الجُزء الأول جاب مجموعتين وإدا لكل مجموعه paragraph بيتكلم عن سياسة الإنترنت المُحايد Neutral Internet وهي إن الشركات مالهاش دعوه بكيفية إستخدام الأفراد الأفراد للإنترنت. الفرق كان إن المجموعه الأولى خدت paragraph مفيهوش لغه مجازيه أو أي metaphors، والمجموعه التانيه خدت paragraph فيه metaphor بتشبه اللي شركات الإنترنت عايزه تعمله بالكارته بتاعت الطريق السريع اللي الناس لازم تقف عندها وتدفع تعريفة مرور، وكان ال paragraph ده بيقارن الإنترنت المحايد بالنظام اللي شركات الإنترنت عايزه تطبقه وبيقول إن الموضوع شبه إنك تكون واقف في كارته وجنبك واحد ماشي في ال express highway ومحدِّش بيوقفه ولا يضيَّق عليه.
———————-
———————-
———————-
بعد كده خد المجموعتين دول وسألهم عن رأيهم في ال policy بتاعت الإنترنت المُحايد وكمان جاب مجموعه تالته مقريتش أي paragraph من اللي قراهم المجموعتين الأولانيين. نتايج المجموعات التلاته كانت إن المجموعه اللي قرت ال paragraph اللي فيه metaphor دعمت سياسة الإنترنت المحايد بنسبة 61%، واللي قرو ال paragraph اللي مفيهوش لغه مجازيه 48% والمجموعه التالته اللي مقريتش لا ده ولا ده 43%. لما عمل تجربه مشابهه على طلبة الجامعه وقسمهم بحسب درايتهم بالسياسه لاحظ حاجه غريبه. كل ما درايتهم السياسيه زيادت قل تأثرهم باللغه المجازيه.
———————-
———————-
قبل الورقه دي بأربع سنين، نشر Lawrence E. Williams و John A. Bargh دراسه عن التأثير الحراره الماديه على إدراك الأفراد للعلاقات، كانت بعنوان Experiencing Physical Warmth Promotes Interpersonal Warmth. من خلال كذا تجربه قدرو يلاقو correlation ما بين حرارة أو برودة المشروب وبين تقييمهم لشخصية الأفراد اللي بيتعاملو معاهم. يعني بإختصار، الحراره الماديه بتترجم في الوعي البشري بشكل metaphorical ل مشاعر، والمشاعر دي بتتغيَّر بناءاً على حسب تغيُّر الحراره.
———————-
نرجع تاني للورقه بتاعت Hartman عشان نفهم إيه علاقة التجربتين ببعض. في تجربة Hartman تم التأثير على الناس من خلال إستخدام metaphor تستحضر في وعيهم خبرة الوقوف في طابور قدام كارته، اللي هي خبره أكيد محدش هايحبها لو كان قدامه خيار تاني وهو ال express highway. لما تم ربط الوقوف في الكارته بسياسة شركات الإنترنت اللي عايزه تفرض تكلفه أعلى على بعض إستخدامات الإنترنت الناس مالت أكتر لرفض ده وتشجيع سياسة الإنترنت المُحايد. التأثير العاطفي ده -زي ما هو باين في التجربه التانيه اللي ال graph بتاعها في الكومنت التالت- بيقل كل ما زاد الحِس النقدي عن الفرد وزاد إدراكه للمعطيات والمعلومات المُحيطه بالموضوع. وبالتالي الأكثر إنخراطاً في اللغه المجازيه هم الأكثر تأثُّراً بالعاطفه، عشان كده تلاقي اللغه الإستعاريه أعلى في الشعر من أنواع كتير من النثر، لأن الشعر هدفه الاساسي مخاطبة المشاعر.
———————-
في سياق مُختلف نشر C. P. Herman سنة 1990 ورقه بعنوان Pessimistic Rumination and Electoral Defeat: A Shorter but Wider View بيتكلم فيها إحصائيه إتعملت سنة 1982 عن الإنتخابات سنة 1904، الإحصائيه دي بتبين pattern واضحه في إن المرشح الأقصر طولاً على الأرجح بيخسر الإنتخابات. من 22 مره تم إحصائها في الدراسه دي، المرشح الأقصر كسب 4 مرات بس. في ملاحظه كمان لـ Herman وهي إن حتى أقصر رئيس في تاريخ أمريكا وهو Truman كسب على حساب مرشح أقصر منه كان إسمه Dewey. في أمريكا قبل سنة 1904 من 25 إنتخابات تم إحصائها المرشحين الأقصر من متوسط الطول بين الأمريكان فاز مرتين بس. في آخر الجزء ده من الورقه Herman بيعتبر إن قصر القامه من مؤشرات الفشل في الإنتخابات.
———————-
بالنسبه لتأثير قصر القامه على نتايج الإنتخابات ف في أطروحه مثيره جداً هي إن الناس لما بتعوز تشاور على جودة شئ بتشاور لفوق، وبالتالي هنا في علاقه متكونه داخل الوعي ما بين الطول وبين ال high quality، لاحظ مثلاً تعبير “عالي الجوده” أو إن حد يكون في “مكانه عاليه”، الإرتفاع تعبير عن القيمه والمكانه والجوده، وبالتالي لا وعي الناخبين بيترجم ده على إن المرشح الأطول أكثر مصداقيه أو أعلى مكانه من المرشح الأقصر.
———————-
في تجربه شديدة الشبه بتجربة Hartman، كتبها Paul H. Thibodeau و Lera Boroditsky بعنوان Metaphors We Think With: The Role of Metaphor in Reasoning بتتكلم عن تجربه عملوها على مجموعتين، سألوهم سؤالين، المجموعه خدت السؤال بصيغة “الجريمه مرض بيهاجم المجتمع هل نتعامل معاه بالتشديد على تطبيق القانون ولا الإصلاح الإجتماعي؟” والمجموعه التانيه خدت السؤال بصيغة “الجريمه وحش بيهاجم المجتمع هل نتعامل معاه بالتشديد على تطبيق ولا الإصلاح الإجتماعي؟”. الإختلاف هو بس في كلمة “مرض” وكلمة “وحش”. نتايج التجربة كانت إن المجموعه الأولى اللي قرت السؤال بصيغة إن الجريمه المرض إختارت بنسبة 60% إن الحل هو الإصلاح المجتمعي، و 40% إختارو التشديد على تطبيق القانون. والمجموعه التانيه اللي قرت السؤال بصيغة الوحش إختارت التشديد على تطبيق القانون 60% و40% الإصلاح المجتمعي.
———————-
الإختلاف في ردود فعل الناس للسؤال ناتج عن تأثير ال metaphor اللي استخدت على الوعي بتاعهم: اللي شايف إنه بيتعامل مع وحش على الأرجح هايفضل الحل الإجباري اللي فيه سمه من سمات القوه. واللي شايف إنه بيتعامل مع مرض مش هايختار الحل بالقوه لكن هايختار “العلاج” أو “الإصلاح”.
———————-
في جزء من التجربه دي لما الأفراد المشاركين في التجربه إتسألو عن الجانب المؤثر في الكلام اللي قروه واللي حدد إختيارهم لرأيهم 3% بس اللي قالو إنها ال metaphor. وفي تجربه تانيه بدل ما ال metaphor كانت جايه في بداية النص خلوها تيجي في اخره، في الحاله دي نتايج المجموعتين كانت متقاربه جداً، يعني ال metaphor مأثرتش لما جت في الآخر لأنها مأثرتش على فهم الناس للظاهره اللي بيقرو عنها وبيفكرو فيها. لما الناس تعرف التأثير ده وتشوف نتايج التجارب دي من الطبيعي إنها هاتبقا حساسه أكتر تجاه ال metaphors وبالتالي هاتتأثر بيها أقل. وهو ظه بالظبط اللي كان باين في تجربة Hartman اللي فيها الأفراد الأكثر تعمقاً في السياسه والمعلومات المحيطه بيها كانو أقل تأثراً بال metaphors.
———————-
في مثال تالت بعنوان Money can’t buy love: Asymmetric beliefs about gift price and feelings of appreciation لـ Francis J.Flynn وGabrielle S.Adams بيتكلمو فيها عن العلاقه اللي بيفترضها الناس اللي بتشتري هدايا بين حجم الهديه (أو سعرها) وما بين التقدير اللي هايحسه اللي بيستقبل الهديه. نفس الملاحظه دي ممكن تلاحظها في الـ valentine لما تلاقي الناس شايله دباديب حمار ضخمه جداً، الفكره هنا هي إن الشخص عايز يوصل مشاعر كتيره (وخلي بالك كتيره دي metaphor بردو بتشبه المشاعر بالحاجات الكميه) أو مشاعر كبيره (metaphor بردو) من خلال إنه يشتري حاجه ماديه فيها نفس الصفات اللي عايز ينسبها للمشاعر. وبالتالي مشاعر كتير يبقا اللي يعبر عنها دبدوب كبير باللون الأحمر اللي واحد من المعاني المرتبطه بيه هو الحب، عشان كده الناس بتشتري ورد أحمر.
———————-
بإختصار شديد، العقل البشري -وبالتالي المشاعر- بيصنَّف كل شئ بشكل لا واعي، وبيتعامل مع كميه كبيره من الـ metaphors اللي بيكون غير واعي لأغلبها، و بيربط حاجات كتير ببعض من خلال الـ allegorical thinking اللي أوقات بيكون عشوائي وإعتباطي. لما تسمع حد بيتكلم عن فلسفه معينه أو تصور معين بيشدد على وجود gap ما بين الوعي وما بين الظواهر الخارجيه اللي بيحاول الوعي إدراكها لازم تكون مدرك دور اللغه عشان تقدر تفهم الإدعاء ده. اللغه مش بس أداة التعبير عن كل شئ لكن هي كمان أداة إدراك كل شئ. اللغه هنا مش مقصود بيها العربي والإنجليزي، لكن المبادئ والأساسات اللي الوعي بيستخدمها في التعبير والفهم والتخيل والتصور والتذكُّر والتفكير في المُستقبل وإدراك الحاضر وإدراك الذات وإدراك الواقع الخارجي.
———————-
———————-
1- Toll Booths on the Information Superhighway? Policy Metaphors in the Case of Net Neutrality, by Todd K. Hartman.
2- Experiencing Physical Warmth Promotes Interpersonal Warmth, by Lawrence E. Williams and John A. Bargh
3- Pessimistic rumination and electoral defeat: A shorter but wider view, by Herman, C. Peter.
4- Metaphors We Think With: The Role of Metaphor in Reasoning, by Paul H. Thibodeau and Lera Boroditsky.
5- Money can’t buy love: Asymmetric beliefs about gift price and feelings of appreciation, by Francis J. Flynn and Gabrielle S. Adams.