مقدمة في المنطق (1) مفاهيم المنطق الأساسية

المقال رقم 1 من 3 في سلسلة مقدمة في المنطق
 الجزء الأول: المنطق واللغة
القسم الأول: الاستدلال
مفاهيم المنطق الأساسية

 

السلسلة دي قائمة على كتاب دراسي بعنوان (Introduction to Logic) من تأليف إيرفينج كوبي- Irving Copi، وكارل كوهين- Carl Cohen، وفيكتور روديتش- Victor Rodych.

أول سؤال محتاجين نسأله لنفسنا، هو ايه “المنطق” دا؟

المنطق ببساطة هو دراسة المنهجيات والمباديء المُستعملة للتمييز بين الاستدلال الصحيح والخاطيء.

في اي مناقشة انت بتدخلها، انت دايمًا بتحاول توضح صحة وجهة نظرك من خلال انك بتستدل بحاجات تثبت صحة وجهة نظرك، او خطأ وجهة نظر غيرك، في اي مناقشة انت بتشوفها، او محاضرة بتسمعها، او لقاء تلفزيوني لأحد المُتكلمين، سواء رجل سياسة او رجل دين او حتّى مُحلل رياضي، دايمًا المُتكلم بيحاول يستدل بحاجات تثبت صحة وجهة النظر اللي بيطرحها، او خطأ وجهة النظر اللي بيرفضها، دايمًا بيتم طرح حُجة، والحُجة دي بتشمل الأسباب اللي بتبرر صحة اعتقاده في وجهة نظره.

المنطق هو دراسة منهجيات الاستدلال، لتقييم مدى صحة او خطأ الحُجة المطروحة، للتمييز بين الاستدلال الخاطيء والصحيح.

عشان نفهم الموضوع أكتر، محتاجين نفهم بعض المفاهيم الأساسية الخاصة بدراسة المنطق:

القضية- Proposition:

القضايا هي اللبنة الأساسية اللي بتكون استدلالتنا، القضية هي عبارة عن تصريح بيأكد/يدّعي صحة او خطأ شيء.
أي قضية هي يا إما صح، يا إما خطأ، مفيش اختيار تالت، ممكن صحتها او خطأها يكون غير معروف، لكنها تظل إما صحيحة او خاطئة، زي مثلًا التصريح الآتي:
“في حياة على كواكب أُخرى”
دا تصريح، هو يا إما صح، يا إما خطأ، احنا بس منعرفش هو صح ولا خطأ حاليًا، لكنه يظل يا إما صحيح يا إما خاطيء.

القضايا ممكن تكون بسيطة- Simple، زي في المثال السابق ذكره، وممكن تكون مُركبة- Compound، أمثلة مثلًا للقضايا المُركبة هم الـ3 أمثلة التاليين:

الـ Conjunctive Proposition:

هو قضية مُركبة بتشمل كذا قضية مع بعض كل واحدة منهم بيتم ادّعاء صحتها.
مثال: “حوض الأمازون بيساهم في 20% من الأوكسجين على الأرض، وبيصنع الكثير من الأمطار اللي بتسقط عليه، وفيه أنواع حيوانات كتير غير معروفة.”
في المثال دا، في 3 قضايا، كل واحدة منهم بيتم ادّعاء صحتها.

الـ Disjunctive Proposition:

هو قضية مُركبة بتشمل كذا قضية مع بعض، لكن مش بيتم ادّعاء صحة واحدة منهم.
مثال: “سمير إما هو متزوج او غير تزوج
مفيش ادّعاء مُحدد من الاتنين القضية بتدّعيه، لو اي واحد منهم صحيح، فالقضية ككل صحيحة، في المثال دا تحديدًا، القضية كدا كدا صحيحة، لكن مش كل الـDisjunctive Propositions صحيحة بالضروة، يعني مثلًا لو قلتلك “مصر يا إما في قارة أمريكا الشمالية او أمريكا الجنوبة“، فهنا القضية دي خطأ، لإن مفيش أي مُكوناتها صحيح.

الـ Hypothetical (or conditional) Proposition:

هو قضية مُركبة شرطية (لو-إذًا)، مش بيتم إدّعاء صحة أي جزء من مُركباتها.
مثال: “لو الله غير موجود، إذًا يجب اختراعه” – فولتير.
في المثال دا، مفيش اي حاجة من المُكونات بيتم ادّعائها، فولتير مش بيدّعي ان الله غير موجود، ومش بيدّعي انه يجب اختراعه.
اللي بيتم ادّعائه فقط هو العلاقة الشرطية (لو-إذًا)، صحة القضية في المثال دا متوقفة على صحة العلاقة الشرطية بين الجملة اللي بعد “لو” واللي بعد”إذًا”.

زي ما قلنا، القضايا هي اللبنات الأساسية اللي بيتم من خلالها بناء “الحُجج”.

لما بتيجي تقدم حُجة، انت ببساطة بتدلل على صحة قضية من خلال قضية أُخرى، اللي بيحصل هنا انك عملت استدلال- Inference، انت استنتجت قضية من قضية أو قضايا أُخرى.

الحُجة- Argument:

هي أي مجموعة من القضايا حيث ان واحدة منهم هي قضية مُستنتجة من قضية أو قضايا أُخرى. الاستدلال- Inference من قضية أو أكثر لاستنتاج قضية أُخرى، هي دي اللي اسمها حُجة.

أي حُجة بتتكون من نوعين من القضايا:

  • المُقدمات- Premises: وهي القضايا اللي بيتم افتراض صحتها بشكل مبدأي.
  • الاستنتاجات- Conclusions: وهي القضايا اللي بيتم استنتاج صحتها من المُقدمات.

مثال: “محدش كان موجود وقت ما الحياة ظهرت على الأرض، إذًا اي تصريحات عن أصل الحياة هي مُجرد نظريات.”
المثال دا عبارة عن حُجة، فيه مُقدمة واحدة، واستنتاج واحد:
المُقدمة: محدش كان موجود وقت ما الحياة ظهرت على الأرض.
الاستنتاج: اي تصريحات عن أصل الحياة هي مُجرد نظريات.

طبعًا مش لازم دايمًا ان في الكلام او اسلوب الطرح تكون المُقدمة بتيجي في الأول وبعدين الاستنتاج، يعني الجُملة السابقة يُمكن صياغتها كالتالي: “أي تصريحات عن أصل الحياة هي مُجرد نظريات، لإن محدش كان موجود وقت ما الحياة ظهرت على الأرض”، يظل برضو:
المُقدمة: محدش كان موجود وقت ما الحياة ظهرت على الأرض.
الاستنتاج: اي تصريحات عن أصل الحياة هي مُجرد نظريات.

المُقدمة مش بيتم التدليل عليها في الحُجة، لكن بتتقدم باعتبار انها مُفترَض صحتها بدون خلاف، في المثال السابق، مفيش أي مُحاولة لإثبات ان “محدش كان موجود وقت ما الحياة ظهرت على الأرض”.

عشان تعرف تقيم أي حُجة، لازم تكون فاهمها وفاهم تكوينها كويس، ممكن تجرب بنفسك في الأمثلة الجاية دي، حاول تستخرج المُقدمات والنتائج وتفصلهم عن بعض زي ما عملنا في المثال اللي فات:

  • توما الإكويني حاجج بأن ذكاء الإنسان هو عطية إلهية، وبالتالي، ان نستعمله لفهم العالم ليس اساءة لله، لكنه شيء يُسعد الله.
  • “البيوت تُبنى لنسكن فيها، وليس لننظر إليها، وبالتالي يجب تفضيل النفع على الاتساق.” – فرانسيس بيكون.
  • “المعرفة المُطلقة والقدرة المُطلقة غير مُتوافقين بشكل مُتبادل. لو أن الله كُلي المعرفة فهو يعرف مُسبقًا كيف سيتدخل ليُغير مجرى التاريخ باستعمال قدرته المطلقة. لكن هذا يعني أنه لا يستطيع تغيير رأيه بشأن تدخله في التاريخ، مما يعني أنه غير قدير.” – ريتشارد دوكينز.
  • ” العقل/المنطق هو أكبر عدو للإيمان؛ فهو لا يأتي أبدًا لمساعدة الأمور الروحية، بل كثيرًا ما يصارع ضد الكلمة الإلهية، ويتعامل بازدراء مع كل ما يصدر عن الله.” – مارتن لوثر.
جزء من سلسلة: مقدمة في المنطقمقدمة في المنطق (2) التعرف على الحُجج والفرق بينها وبين التفسيرات >>

Similar Posts

One Comment

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *