التناص وشق الماء بين مصر وإسرائيل

سنة 2011/2010 في واحده من مُحاضرات اللغه المصريه القديمه كان المُحاضر -وهو دكتور جامعي وأحد أهم متخصصي المصريات- بيكلمنا عن أهمية البحث العلمي وإننا دايماً نكون موضوعيين ونتعامل مع الأسئله العلميه بأمانه وبقدر الإمكان نقلل الإنحيازات، وفي معرض كلامه كلمنا عن برديه إسمها بردية Westcar (موجوده حالياً في المتحف المصري ببرلين، المانيا، برقم 3033)، وهي واحده من أقدم البرديات اللي تحتوي على نص كامل. البردية إكتشفها Henry Westcar ما بين 1823 و 1824 وإتسمت بإسمه، وهي نص مكتوب بالهيراطيقي وبيرجع للفتره ما بين الأسرات 16 و 18، ولكن البعض بيشوف إنها منسوخه من نص أقدم من الأسره 13.

المهم، البرديه دي بتحكي قصص منسوبه لأبناء “خوفو” (الأسره الرابعه) ، يهمني منها القصه التالته (ممتده من العمود الرابع سطر 17 لحد المعمود السادس سطر 22) اللي المفروض بيحكيها “باو اف رع”، بحسب القصه دي الملك “سنفرو” (مؤسس الاسره الرابعه) أبو الملك “خوفو” كان زهقان، ف راح إستدعى الكاهن “دجادجا ام عنخ” وقاله “أنا لفيت كل الأوض اللي في القصر من الزهق ومش لاقي تسليه” وسأله عن تسليه مناسبه. ف إقترح عليه الكاهن إنه ياخد عشرين بنت شابه وينزل بمركب في البحيره اللي قدام القصر ويتحرك وسط الميه والزرع وأكيد الزهق اللي في قلبه هايروح. الملك عمل كده فعلاً، وبعد شويه بدأ الملك ينبسط بالموضوع وينسى الملل لكن واحده من البنات إتشبكت السلسله بتاعتها في شعرها وهي بتجدف ووقعت منها في الميه، ولإن السلسله كان فيها تميمه غاليه عليها جداً زعلت وبطلت تجديف. ف لما الملك سألها بطلت تجديف ليه قالتله إن التميمه بتاعتها اللي على شكل سمكه وقعت في الميه، ف عرض الملك إنه يديها غيرها من خزنة القصر لكنها رفضت وأصرت إنها تاخد التميمه بتاعتها. ف لما الملك لقاها مصممه راح بعت جاب الكاهن “دجادجا ام عنخ” وقاله “أنا عملت اللي قولتلي عليه وقلبي إرتاح لكن الموضوع إتعطل بسبب التميمه اللي وقعت في البحيره” وطلب منه يجيبها. ف “دجادجا ام عنخ” قال تعويذه وشق البحيره -جاب مياه البحيره على جنب واحد بإرتفاع 24 ذراع- ونزل جاب التميمه وقفل مياه البحيره تاني ف رجعت المياه بإرتفاع 12 ذراع.

طبعاً أغلب الناس تعرف الروايه التوراتيه وممكن تلاحظ التشابُه بينها وبين مُحتوى بردية Westcar، وهايكون في قراءات مُختلفه ومُتناقضه للتشابُه ده بس ده نقاش طويل ومش مكانه هنا. اللي يهمني في الموضوع هو فكرة ال التناص intertextuality، أو علاقة النصوص ببعضها، وإزاي الفكره دي مؤثره جداً في مدارس التفسير المُعاصره. النصوص لا تنشأ في الفراغ، عشان تقدر تقرا الأعمال الأدبيه لازم تدور في سياقها التاريخي واللغوي والثقافي. السياق التاريخي هو السياق الزمني والمكاني اللي بتتكتب فيه النصوص وطبيعة الناس اللي بيكلمهم النص. والسياق الأدبي هو النصوص المُحيطه اللي بيتحاور معاها النص اللي بتحاول تفسّره. لو عملت إختيارات غلط في تحديد السياق اللي بتفسّر فيه على الأرجح هاتوصل لنتايج غلط. المُعطيات المُحيطه بالتفسير دي بتتسمّى interpretative repertoires، بيلجأ ليها أي مُفسِّر عشان ياخد خطواته الأولى تجاه فهم النص.

الفرضيات الخاصه بالسياق اللي هي مبحث كامل لازم يكون سابق على التفسير، عشان كده مُناقشة أي قراءه لنص لازم تبدأ بتحليل المقدمات اللي بيسلّم بيها القارئ أو المُفسِّر لإن أوقات كتير بيكون الإختلاف مع القراءه عديم القيمه إن كانت في الأصل المُشكله منهجيه.

في قصه بعنوان The Plato Papers بتدور أحداثها في المستقبل في القرن 37 بيكتشفو مخطوطه لكتاب On the Origin of Species by Means of Natural Selection “أصل الأنواع” وبيلاقو الإسم عليها Charles D وباقي الإسم ممسوح .. بعد ما Pluto بيقرا المخطوطه بيفترض إن اللي كتبها Charles Dickens وبالتالي -بناءاً على معرفته بباقي أعمال Dickens- بيفترض إن نوع النص اللي في المخطوطه fiction مش non-fiction وبالتالي بيفسّر محتوى الكتاب كله على غير المقصود منه. رواية The Plato Papers كلها مبنيه على قضيه تفسيريّه مهمه وهي إن إفتراضاتك اللي بتفترضها عن نص ممكن توديك في طريق تفسيري مختلف خالص عن القصد الحقيقي للنص حتى لو مكنتش بدأت تفسره أصلاً. مجرد إفتراضك لنوع غلط للنص ده كافي إنه يوصلك لنتايج معاكسه تماماً. طبعاً الروايه إتكلمت عن نص من القرن 19 (كتاب أصل الأنواع) ف ما بالك بقا لو حاولت تفسر نص من نصوص ما قبل الميلاد أو حتى نص بعيد عنك دلوقتي ب 1000 سنه!

في عصر الـ copyrights في ظاهره مرتبطه إرتباط وثيق بفكرة ال intertextuality ومن الصعب إننا نقدر نفهمها بشكل صحيح دلوقتي، الظاهره دي كانت معروفه بالإسم اللاتيني IMITATIO أو اليوناني mimesis، وهم دول نفس الكلمتين اللي دخلو للإنجليزي في الأفعال imitate و mimic. الظاهره دي أو المهاره دي كانت معروفه بإعتبارها المرحله اللي تسبق الإبداع. لازم كل واحد بيتعلم فن معيّن يبدأ بمُحاكاة أو تقليد أعمال الفن الأشهر في المجال ده. فمثلاً اللي بيكتب شعر لازم يبدأ بتقليد ال techniques اللي في كتابات Homer و Ovid. واللي بيكتب فلسفه لازم يبدأ بإنه يتعلم منطق وأساليب Plato و Aristotle.

في القرن الأول بيكتب المُعلّم Quintilian كتاب إسمه INSTITUTIO ORATORIA اللي بيشرح فيه منهجيته في تعليم الخطابه. بيبدأ في الكتاب من أول الحاجات اللي الأطفال لازم تتربى عليها من أول القصص اللي بتحكيها المُربيات للأمثال اللي لازم يحفظوها عن ظهر قلب وبعد كده المسرحيات والروايات الأكثر تقدماً اللي لازم يحفظوها لما سنهم يتقدم وبعد كده يبتدو يطلعو العناصر الأدبيه منها ويتعلمو إزاي يغيّرو فيها ويطوّروها ويطوّعوها لأهدافهم. وبينتهي في الآخر لإن مرحلة الـ IMITATIO لازم تنتهي بالإبداع، بإن المؤلف يتعلم ينتج جديد مُختلف عن القديم. وإن الوقوف عن مرحلة الـ IMITATIO لو متحوّلتش لإبداع بتبقا خطر عن الفن، لإن في الحاله دي عمر ما هايكون في إبداع وهايتحول كل شئ لمجرد تكرار ممل.

الكلام ده مهمّ لسببين. أولاً في extremes بتحصل معانا وإحنا بنعلّم في أيّ مجال. الأول إننا نحط للي بيتعلم أمثله ميقدرش يخالفها، و guidelines تمنعه من إنه يبدع وبالتّالي بنحول شخصيته لمجرد نسخه مكرره من اللي بيدرسه. الـ extreme التاني إننا نشيل الـ guidelines خالص ف يبقا اللي بيدرس مش عارف يشوف خط واضح يمشي عليه ويتحول التعليم للفوضى بدل الإبداع.

واحده من الأمثله الجميله في الـ IMITATIO والإبداع هي رواية Lord of the Flies للبريطاني William Golding اللي بيحاكي فيها رواية The Coral Island للأسكتلندي R. M. Ballantyne. رواية Ballantyne كانت بتحكي عن مجموعة شباب إتكسرت بيهم مركب على جزيرة كلها ناس بدائيين والعنف جزء أساسي من ثقافتهم، والأولاد اللي إتكسرت بيهم المركب بيدخلو معاهم رحله طويله من التواصل بتنتهي إن سكان الجزيره كلهم بيتحلو للمسيحيه. اللي Golding عمله هو إنه أخد نفس الفكره وأسماء الشخصيات وحاول يوصل فكره متشائمه عن الواقع البشري وإن العنف عامل أصيل فيه ومش هايتغير. في رواية Golding الأولاد بتتكسر بتقع بيهم الطياره ومش بيكون في حد على الجزيره غيرهم، ومع الوقت بيحاولو يتأقلمو على الحياه في الجزيره وبيمشو في مسار مشابه للحضاره البشريه في إكتشاف النار وبناء البيوت والزراعه، لكن مع الوقت بيظهر اعنف وجزء منهم بيبدأ يقتل في الباقي. الفكره جاتله بعد ما رجع مكتئب من الحرب العالميه، بعد ما شاف العنف اللي البشر قادرين على ممارسته، ومش بس قادرين عليه لكن بيحبوه وبيميلو ليه كل ما كان في ايديهم سلطه.

عشان تقدر تُدرك قيمة شغل Golding لازم تقراه كـ contrast لرواية Ballantyne. لو إتحركت في إتجاه إن رواية Golding أقل قيمه من رواية Ballantyne لمجرد إن Golding بيُحاكي رواية Ballantyne مش هاتقدر تفهم عظمة العمل ده. الـ IMITATIO تخلف تماماً عن الـ plagiarism أو الغش. الـ IMITATIO في أصلها بدايه للإبداع، وفرصه إن الكاتب يقدر يضيف أبعاد وصراع للي بيكتبه مع عقول كُتاب تانيه. الأدب بشكل عام مش منقطع ومنعزل عن اللي حواليه، وكل عمل بيكون ليه مغزى وهدف في البيئه الأدبيه اللي بيظهر فيها.

 الجُزء المُشار إليه والمرجِع:

The Boating Party
(4, 17) Baufre stood up to speak, he said: “I shall let your majesty hear a wonder that happened in the time of your father Snefru, the justified, a deed of the chief lector-priest (20) Djadja-em-ankh, [ a thing ] that illuminates the past – – – – – – which had never happened before – – – – – –.
[ “One day King Snefru wandered through all the rooms ] of the palace in search of [ relaxation and found none. Then he said ]: ‘Go, bring me the chief lector-priest, the scribe of books, Djadja-em-ankh!’ He was brought to him straightway. His majesty said to him: [ ‘I have gone through all the rooms ] of the palace in search of (5, 1) relaxation and found none.’ Djadja-em-ankh said to him: ‘May your majesty proceed to the lake of the palace. Fill a boat with all the beautiful girls of your palace. Your majesty’s heart will be refreshed by seeing them row, a rowing up and down. (5) As you observe the fine nesting places of your lake, as you observe its beautiful fields and shores, your heart will be refreshed by it.’
“Said his majesty: ‘Indeed, I shall go boating! Let there be brought to me twenty oars of ebony plated with gold, their handles of sandalwood plated with electrum. Let there be brought to me twenty women (10) with the shapeliest bodies, breasts, and braids, who have not yet given birth. Also let there be brought to me twenty nets and give these nets to these women in place of their clothes!’1 All was done as his majesty commanded.
“They rowed up and down, and his majesty’s heart was happy (15) seeing them row. Then the one who was at the stroke oar fingered her braids, and a pendant of new turquoise fell into the water. Then she stopped rowing, and her side of women stopped rowing. Said his majesty: ‘Why don’t you row?’ Said they: ‘Our leader (20) has stoppedrowing.’ Said his majesty to her: ‘Why have you stopped rowing?’ Said she: ‘Because the pendant of new turquoise fell into the water.’ [ Then his majesty said to her: ‘Row! I shall replace it for you!’ ] Said she: ‘I prefer my thing to one like it.’ Said [ his majesty: ‘Go, bring me the chief ] lector-priest [ Djadja-em-ankh!’ He was brought to him straightway ].
“Said (6, 1) his majesty: ‘Djadja-em-ankh, my brother, I did as you had said. My majesty’s heart was refreshed seeing them row. Then a pendant of new turquoise of one of the leaders fell into the water. She stopped rowing and thereby spoiled her side. I said to her: (5) “Why have you stopped rowing?” She said to me: “Because the pendant of new turquoise fell into the water.” I said to her: “Row! I shall replace it for you!” She said to me: “I prefer my thing to one like it.”’
“Then the chief lector-priest Djadja-em-ankh said his say of magic. He placed one side of the lake’s water upon the other; and he found the pendant (10) lying on a shard. He brought it and gave it to its owner. Now the water that had been twelve cubits deep across2 had become twenty four cubits when it was turned back. Then he said his say of magic and returned the waters of the lake to their place. His majesty spent the day feasting with the entire palace. Then he rewarded the chief lector-priest (15) Djadja-emankh with all good things.
“This is the wonder that happened in the time of your father, King Snefru, the justified, the deed of the chief lector-priest and scribe of books, Djadja-em-ankh.”
Said the majesty of King Khufu: “Let there be given an offering of a thousand loaves, a hundred jars of beer, an ox, and two measures of incense to the majesty of King Snefru, the justified. (20) And let there be given one loaf, one jug of beer, and one measure of incense to the chief lector-priest and scribe of books, Djadja-em-ankh, for I have seen his display of skill.” One did according to his majesty’s command.

Lichtheim, M. (1973-[80). Ancient Egyptian literature : Volume I: The old and middle kingdoms (216). Berkeley: University of California Press.

Similar Posts