مقدمة في المنطق (4) المنطق واللغة – الإستدلال: (أ) تحليل الحجج
- مقدمة في المنطق (1) مفاهيم المنطق الأساسية
- مقدمة في المنطق (2) التعرف على الحُجج والفرق بينها وبين التفسيرات
- مقدمة في المنطق (3) الحُجج الاستنباطية والحُجج الاستقرائية
- ☑ مقدمة في المنطق (4) المنطق واللغة – الإستدلال: (أ) تحليل الحجج
عادًة الحُجج مش بتتقدم بشكل واضح زي الأمثلة في المقالات اللي فاتت، لكنها اوقات بتكون مُعقدة ومتشابكة وغير واضحة، اوقات ممكن يكون فيها حاجات مُكررة، يكون في مُقدمة مثلًا مُكررة بأكتر من شكل، وممكن حتى المعاني متكونش واضحة.
عشان قدر نحلل الحُجج بنستخدم بعض الأساليب التحليلية.
من أهم الأساليب التحليلية دي هي إعادة الصياغة- Paraphrase، والرسوم التخطيطية- Diagrams.
إعادة الصياغة- Paraphrase:
في الأسلوب دا في التحليل اللي بيحصل هو اننا بنعيد صياغة القضايا- Proposition، وبنرتبها بشكل يسهل متابعة الحُجة، لكن لازم الموضوع دا يتم بحرص عشان الحُجة متفقدش معناها اللي يقصده صاحبها.
خلينا نشوف النص دا، النص دا كان قرار من المحكمة العليا في الولايات المتحدة على لسان القاضي أنتوني كينيدي- Anthony Kennedy بخصوص قانون طرحته ولاية تيكساس بجعل ممارسة المثلية الجنسية جريمة، النص كالآتي:
“الحالة المطروحة حاليًا هي باختصاص شخصين بالغين، اللي برضاهم الكامل والمشترك، بينخرطوا في ممارسات جنسية خاصة بنمط الحياة المثلي. يحق لمُقدمي الإلتماس احترام حياتهم الخاصة. الدولة متقدرش انها تحقر من وجودهم ولا انها تتحكم في أقدارهم بجعل حياتهم الجنسية الخاصة جريمة. حقهم في الحرية بموجب بند الإجراءات القانونية الواجبة [من التعديل الرابع عشر للدستور الأمريكي] يمنحهم الحق الكامل في ممارسة سلوكهم بدون تدخل الحكومة. فهو من احد فرضيات الدستور ان في مساحة من الحُرية الشخصية لا يحق للحكومة التدخل فيها. القانون اللي بتطرحه تيكساس مفيهوش ما يجعله من المشروع للدولة انه يبرر تدخلها في الحياة الخاصة للفرد.”
النص الفكرة بتاعته ممكن تكون واضحة، لكن الحُجة ممكن متكونش واضحة اوي، لفهمها كويس، ممكن نعيد صياغتها كالتالي:
- دستور الولايات المتحدة بيضمن مساحة من الحرية الشخصية، بما فيها الممارسات الجنسية الخاصة بين اي اشخاص بالغين بالتراضي.
- ممارسات مُقدمي الالتماس كان من ضمن المساحة دي، وبالتالي ليهم كامل الحق، تحت ظل الدستور، انهم ينخرطوا في النوع دا من الممارسات الجنسية بدون تدخل الحكومة.
- القانون اللي بتطرحه تيكساس، بيتدخل بدون مُبرر- Justification، في الحياة الخاصة للأفراد المذكورين، وبيحقر منهم بجعل حياتهم الجنسية الخاصة جريمة.
- القانون اللي بتطرحه تيكساس بالتالي بينكر حقوق الأفراد دول، ويجب الغاؤه باعتباره غير دستوري.
في المثال دا، اعادة الصياغة معملتش حاجة غير انها بس بتبين ايه هي اللي مُقدمات بتقوله بشكل واضح.
لكن مش دايمًا الموضوع بيبقى كدا، خلينا ناخد مثلًا الاقتباس الآتي لعالم الرياضيات الانجليزي G.H. Hardy:
“التاريخ هيذكر ارشميدس، بينما هينسى إسخيلوس، لإن اللغات بتموت، لكن الأفكار الرياضية مبتموتش.”
ممكن نعيد صياغة الحُجة كالتالي:
- اللغات بتموت.
- مسرحيات إسخيلوس اتكتبت بلغات.
- إذًا أعمال إسخيلوس في النهاية هتموت.
- الأفكار الرياضية مش بتموت.
- أعمال أرشميدس كانت بالأفكار الرياضية.
- إذًا أعمال أرشميدس مش هتموت.
- بالتالي، أرشميدس هنفتكره، بينما إسخيلوس هيتنسى.
إعادة الصياغة هنا بتسمحلنا نميز ما بين المُقدمات والاستدلالات الخارجة منها، بس هنا لما عملنا إعادة صياغة لاحظنا حاجة مُهمة، مش كل المُقدمات متقالة بشكل واضح في الحُجة، لو ركزت كويس، هتلاقي ان القضايا رقم 2 و5 مش مذكورين في الاقتباس، لكنهم مُفترضين بافتراض ان القاريء عارفهم منغير ما الكاتب يقولهم، النقطة التانية اللي هتلاحظها، ان القضايا رقم 3 و6 مش مكتوبين بشكل واضح، لكنهم يعتبروا مُرادفات للاجزاء اللي بنفس اللون من القضية رقم 7، لإن احنا هنكون فاكرين ارشميدس لإن اعماله مماتتش، وهننسى إسخيلوس لإن أعماله ماتت، وكاتب الحُجة مفترض اننا فاهمين الترادف دا ما بين تذكر الأعمال (أو قيمتها أو أثرها) وتذكر صاحبها.
إعادة الصياغة بتساعد انك تفهم الحُجة بشكل أوضح وبالتالي تقيمها بشكل اكتر فعالية.
الرسم التخطيطي- Diagram:
الرسم التخطيطي بيساعادنا اكتر في اننا نفهم ترابط قضايا الحُجة ببعضها، والموضوع بيبقى مفيد بشكل اكتر في الحُجج الكبيرة او المُعقدة شوية. احنا هنوضح الموضوع على حُجج بسيطة دلوقتي عشان المقال ميبقاش طويل زيادة عن اللزوم.
عشان نقدر نوضح الُحجة بطريقة الرسم التخطيطي بنعمل كذا خطوة:
- بنرقم القضايا في الحُجة.
- الارقام دي بنمثلها بدواير، ودواير القضايا اللي بتعتبر مُقدمات بنحطها فوق جنب بعض على نفس الخطق الأفقي.
- دواير القضايا اللي بتعتبر استنتاجات بنحطها تحت دوائر المُقدمات.
- بتترسم أسهم لتوضيح علاقة النتيجة بالمقدمات بتاعتها، السهم بيتجه من المُقدمات للنتيجة لتوضيح ان المُقدمات بتقود للنتيجة دي.
على سبيل المثال خلينا نشوف الحُجة دي:
“مفيش اتفاق بين علماء الاحياء على ان الخلية المُخصبة تعتبر حية بتعريف مختلف عن نفس التعريف اللي بينطبق على البويضة غير المُخصبة او الحيوان المنوي. ومفيش اي اتفاق على ان مجموعة من الخلايا، اللي مبتحتويش حتى على أي جهاز عصبي بدائي، ممكن بأي تعريف نعتبرها “إنسان”. وبالتالي مفيش بيانات تجريبية كافية مقتنعة ممكن توضح امتى “الحياة الإنسانية” بتبدأ تحديدًا.”
اول حاجة، خلينا نرقم القضايا:
- مفيش اتفاق بين علماء الاحياء على ان الخلية المُخصبة تعتبر حية بتعريف مختلف عن نفس التعريف اللي بينطبق على البويضة غير المُخصبة او الحيوان المنوي.
- ومفيش اي اتفاق على ان مجموعة من الخلايا، اللي مبتحتويش حتى على أي جهاز عصبي بدائي، ممكن بأي تعريف نعتبرها “إنسان”.
- وبالتالي مفيش بيانات تجريبية كافية مقتنعة ممكن توضح امتى “الحياة الإنسانية” بتبدأ تحديدًا.
من الواضح ان القضايا رقم 1 و2 هما المُقدمات، والقضية رقم 3 هي المُقدمة، وبالتالي، ممكن نرسم رسم تخطيطي بالشكل التالي:
الدواير الخاصة بالمقدمات 1 و2 مرسومين فوق على نفس المستوى الأفقي، والدايرة الخاصة بالاستنتاج مرسومة تحتهم، والأسهم بتتجه من دواير المُقدمات لدايرة الاستنتاج لتوضيح ان الاستنتاج دا قائم على المقدمات اللي الأسهم جاية منها.
لاحظ هنا حاجة مُهمة، الاستنتاج رقم 3 ممكن يتم استنتاجه من المقدمة 1 لوحدها، او المقدمة 2 لوحدها، هنا كل مُقدمة ممكن تكون كافية في حد ذاتها للتدليل على الاستنتاج، لكن في حالات تانية بتكون لازم اكثر من مُقدمة يتم وضعهم في الاعتبار للوصول للاستنتاج.
خلينا نشوف المثال دا:
“قمم جبال الصحراء هي اماكن كويسة جدًا لعلم الفلك. بكونهم مُرتفعين، فهما بيكونوا فوق جزء من الغلاف الجوي، وبالتالي دا بيسمح لضوء النجوم انه يوصل للتيليسكوب بدون ما يمر بالغلاف الجوي كله. وبكون قمم الجبال جافة، فالصحراء نسبيًا مش بيكون فيها سُحب. أبسط طبقة السحاب ممكن تخلي السما غير صالحة للقياسات الفلكية.”
الأول هنرقمهم:
- قمم جبال الصحراء هي اماكن كويسة جدًا لعلم الفلك.
- بكونهم مُرتفعين، فهما بيكونوا فوق جزء من الغلاف الجوي، وبالتالي دا بيسمح لضوء النجوم انه يوصل للتيليسكوب بدون ما يمر بالغلاف الجوي كله.
- وبكون قمم الجبال جافة، فالصحراء نسبيًا مش بيكون فيها سُحب.
- أبسط طبقة من السحاب ممكن تخلي السما غير صالحة للقياسات الفلكية.
من السهل مُلاحظة ان الاستنتاج هو القضية رقم 1، والقضايا رقم 2 و3 و4 هي المُقدمات.
لو ركزت، هتلاحظ ان المُقدمة رقم 2 كافية في حد ذاتها للتدليل على الاستنتاج. يعني انا ممكن على طول اقول:
- مُقدمة: قمم الجبال المرتفعة بتبقى فوق جزء من الغلاف الجوي، وبالتالي الضوء بيوصل للتيليسكوب منغير ما يمر بالغلاف الجوي كله.
- استنتاج: قمم جبال الصحراء هي اماكن كويسة جدًا لعلم الفلك.
بس كدا، الحُجة خلصت.
على الجانب الآخر، القضايا رقم 3 و4 لازم يتاخدوا هما الاتنين مع بعض عشان نوصل للاستنتاج، يعني مينفعش اقول:
- مُقدمة: كون قمم الجبال جافة، فالصحراء نسبيًا مش بيكون فيها سُحب.
- استنتاج: قمم جبال الصحراء هي اماكن كويسة جدًا لعلم الفلك.
الحجة هنا مش كاملة، موضحتش ايه علاقة عدم وجود سُحب بالفلك.
القضايا 3 و4 لازم يتاخدوا مع بعض عشان يكوّنوا حُجة:
- مُقدمة: بكون قمم الجبال جافة، فالصحراء نسبيًا مش بيكون فيها سُحب.
- مُقدمة: أبسط طبقة من السحاب ممكن تخلي السما غير صالحة للقياسات الفلكية.
- استنتاج: قمم جبال الصحراء هي اماكن كويسة جدًا لعلم الفلك.
هنا الحُجة بقت كاملة، العلاقة ما بين السُحب وعلم الفلك هو ان السحب ممكن تخلي السما غير صالحة للقياسات الفلكية.
فعشان نوضح ان المُقدمتين دول لازم يتاخدوا مع بعض بالشكل دا بنرسمهم بالشكل التالي:
بالتالي لو عايزين نوضح النص على بعضه بالرسم التخطيطي، ممكن نوضحه كالتالي:
ممكن تلاحظ برضو ان القضية رقم 2 ممكن اصلًا تتقسم لقضيتين، وبالتالي بيصبح الترقيم كالتالي:
- قمم جبال الصحراء هي اماكن كويسة جدًا لعلم الفلك.
- بكونهم مُرتفعين، فهما بيكونوا فوق جزء من الغلاف الجوي،
- بالتالي دا بيسمح لضوء النجوم انه يوصل للتيليسكوب بدون ما يمر بالغلاف الجوي كله.
- وبكون قمم الجبال جافة، فالصحراء نسبيًا مش بيكون فيها سُحب.
- أبسط طبقة من السحاب ممكن تخلي السما غير صالحة للقياسات الفلكية.
ساعتها الحُجة الأولى، اللي هي دي:
- مُقدمة: قمم الجبال المرتفعة بتبقى فوق جزء من الغلاف الجوي، وبالتالي الضوء بيوصل للتيليسكوب منغير ما يمر بالغلاف الجوي كله.
- استنتاج: قمم جبال الصحراء هي اماكن كويسة جدًا لعلم الفلك.
هنعيد صياغتها كالتالي:
- مُقدمة: قمم الجبال المرتفعة بتبقى فوق جزء من الغلاف الجوي.
- استنتاج: الضوء بيوصل للتيليسكوب منغير ما يمر بالغلاف الجوي كله.
- مُقدمة: الضوء بيوصل للتيليسكوب منغير ما يمر بالغلاف الجوي كله.
- استنتاج: قمم جبال الصحراء هي اماكن كويسة جدًا لعلم الفلك.
وساعتها هيتم تمثيلها بالشكل دا:
في الحالة دي، القضية رقم 2 بتدعم القضية رقم 3 عشان نوصل للاستنتاج (القضية رقم 1).
وبالتالي عشان نوضح حجة النص على بعضه هنرسمه بالشكل دا:
الطريقتين في تمثيل ورسم الحُجة صح ومفيهمش مشكلة، اهم حاجة تبقى فاهم ايه هي المُقدمات وايه هي النتايج اللي الحُجة بتحاول تثبتها.
ممكن برضو نفس المُقدمات، تقود لنتايج مُختلفة، زي مثلًا المثال دا:
“الستات الأكبر سنًا معندهمش ما يكفي من الحرية لمحاربة التحرش الجنسي في شغلهم او لترك زوج مُعتدي، لإنه بسبب التمييز على أساس السن فهما مش هيقدروا يلاقوا طُرق بديلة للدعم المادي.”
هنا ممكن الترقيم يكون كالتالي:
- الستات الأكبر سنًا معندهمش ما يكفي من الحرية لمحاربة التحرش الجنسي في شغلهم.
- الستات الأكبر سنًا معندهمش ما يكفي من الحرية لترك زوج مُعتدي.
- بسبب التمييز على أساس السن فهما مش هيقدروا يلاقوا طُرق بديلة للدعم المادي.
اللي هتلاحظه هنا ان مقيش غير مُقدمة واحدة، وهي القضية رقم 3، بينما القضايا 1 و2 هم استنتاجات.
الرسم التخطيطي بالتالي هيكون بالشكل دا:
بشكل عام، بيتم تعريف عدد الحُجج بعدد الاستنتاج، وبالتالي فاحنا في المثال دا عندنا حُجتين، وبالتالي عشان تقيم صحة القضايا في النص، انت محتاج تقيم كُل حُجة بشكل مُستقل لو كان عندك اكثر من استنتاج.
اوقات طبعًا ممكن تتبع الأسلوبين (اعادة الصياغة والرسم التخطيطي) مع بعض، دا مفيهوش مشكلة. أهم حاجة هي انك تعيد الصياغة بشكل حريص عشان متغيرش معنى القضية اللي بيتم تقديمها. الرسم التخطيطي برضو في النصوص او الحُجج الأطول او الأكثر تعقيدًا لازم يتم بحرص عشان تفهم كويس هو المُحاجج عايز يقول ايه، وايه اللي بيحاول يثبته، وايه اللي بيعتبره مُقدمات وهكذا، مش هتقدر تقيّم صحة او خطأ الحُجة غير لما تحللها وتفهم تدفق الاستنتاجات من المُقدمات.
تمارين:
- اقرا النص دا وحاول تعيد صياغته بالشكل اللي عملناه في الأمثلة:
” الفضاء يحتوي على عدد هائل من الذرات حتّى أن الأبدية بأكملها لن تكون كافية لعدها وعد القوى التي تدفع الذرات إلى أماكن مختلفة كما تم دفعها معًا في هذا العالم (عالمنا). لذا يجب أن ندرك أن هناك عوالم أخرى في أجزاء أخرى من الكون تحتوي على أعراق مختلفة من البشر والحيوانات.” – لوكريتيوس
- اقرا النص دا وحاول تعمله رسم تخطيطي:
“لا أحد يُعاقب لإن ذنبًا قد ارتُكب، بل لكي لا يُرتكب. فما مضى لا يُمكن استرجاعه، ولكن الذي في المُستقبل يُمكن منعه.” – سينيكا