مقدمة منهجية في المعرفة بالخبر (مُتجدد)

John Edward

MA in Applied Linguistics and TESOL, Portsmouth University, United Kingdom. His current research areas are Critical Discourse Analysis, Gender Relations, Religious Literature, and Hermeneutics

فهرس الفصول:

(1) تعريفات أساسيّة: المعرفة ومنهجين في الخَبَر.
(2) قضيَّة الفضائي لجينيفر لاكي.


(1) تعريفات أساسيّة: المعرفة ومنهجين في الخَبَر.
قبل كده كنا إتكلمنا في أفكار عن الموضوع ده، لكن السلسله دي هاتبقا منهجيَّه وبتلخص كتابات أكاديميه مُختصّه في الموضوع. خلينا نبدأ بتعريف المعرفه:
المعرفه هي إعتقاد صادق (صحيح) مُبرَّر، أو بالإنجليزي Justified True Belief. (هانختصرها JTB) عشان تقول إنك تعرف شيء لازم يتحقق عندك ال 3 نقاط دول. بس من المهم تعرف إن ال 3 نقط دول هُم محَل نِزاع من ناحية التعريف وكفاية المعطيات اللي بتسبب تحققهم. يعني ممكن كلّنا نتفق على إن المعرفه هي إعتقاد صادق مُبَّرر بس نختلف في نوع وكَم الدّليل اللي بيتطلَّبه تبرير الإعتقاد وكمان نختلف في كيفيَّة الإستدلال على “الصِّدق” أو “الحقيقيَّه” بتاعت الإعتقاد.
في أول صفحه من ورقته القصيره جداً بعنوان Is Justified True Belief Knowledge بيقول Edmond Gettier إن المعرفه ممكن تُصاغ في الصُّوره التّاليه:
الشخص س يعرف أن ص إن كان (وفقط إن كان):
1- ص حقيقي.
2- س يعتقِد في ص.
3- س مُبرَّر في الإعتقاد أن ص.
أو ممكن نقولها بطريقة Chisholm أو Ayer (مذكورين في نفس الصفحه من ورقة Gettier):
صيغة Chisholm، الشخص S يعرف أن P إن كان (وفقط إن كان):
1- س يقبل الإعتقاد ص.
2- س عنده دليل كافي على ص.
3- ص حقيقي.
صيغة Ayer، الشخص س يعرف أن ص إن كان (وفقط إن كان):
1- ص حقيقي.
2- س متأكد أن ص حقيقي.
3- س له الحَقّ إنه يكون مُتأكِّد أن ص حقيقي.

في نفس الورقه بيطرح Gettier أمثله بيعرض بيها مُشكله مفادها إن ممكن يتحقَّق الإعتقاد في P ويتوفَّر تسويغ Justification بس يكون الإعتقاد خاطيء. هانسميه هنا الإعتقاد الخاطيء المُبرَّر أو False Justified Belief (FJB). المثال اللي قاله Gettier هو كالتّالي:

تخيَّل إن في شخصين، واحد إسمه سميث والتاني إسمه جونز، والإتنين قدِّمو على وظيفه مُعيَّنه. وكان عند سميث دليل قوي على الطَّرح التَّالي (هانسمِّي الطرح D):

جونز هو اللي هاياخد الوظيفه وجونز معاه 10 عملات فضيّه في جيبه.

الدليل اللي عند سميث على القضيَّه D هو إن رئيس الشّركه بلّغه إن جونز هاياخد الوظيفه، وكمان كان سميث عَدّ العملات اللي في جيب جونز من شويه وعرف إنهم 10. وبالتّالي سميث كوِّن القضيّه التّاليه (هانسميها E):

الشَّخص اللي هاياخد الوظيفه معاه 10 عملات في جيبه.

هنا سميث بشكلٍ ما إستخرج قضيّه E من القضيَّه D وبيقبَل صِحّة E بناءاً على D (وخَلي بالك هو عنده دليل قوي على D عشان رئيس الشركه قاله إنه جونز هو اللي هاياخد الوظيفه وإنه بنفسه عَدّ العُملات اللي في جيب جونز).

بناءاً على ما سَبَق سميث مُسوَّغ في الإعتقاد إن E، بس في نفس الوقت E خاطئ لأن الإستنتاج اللي عمله سميث من D لـ E هو إستنتاج مش سليم أصلاً. هو إستنتج هنا علاقه سببيه من حاجتين مفيش علاقه حقيقيَّه بينهم: هو إستنتاج إن كون جونز هاياخد الوظيفه ده “نتيجه” لكون جونز معاه 10 عملات فضّه، وبالفعل الإتنين حقيقيِّن، لكن العلاقه بينهم مش سببيّه، ده مُجرَّد correlation. زي مثلاً إن الديك بيصيح الصبح والصبح هو ظهور الشِّمس، ممكن ييجي واحد يستنتج من ده إن الشمس بتطلع “عشان” الديك بيصيح. إن الحاجتين يحصلو مع بعض ده مش كافي لإفتراض علاقه سببيه ما بينهم.

الفكره إن لو جونز خد الوظيفه فعلاً يبقا سميث هنا إتحقق عنده الإعتقاد D وبناءاً عليه هايعتبر إن E متحقق هو كمان، يعني هايكون عنده إعتقاد صادق مُبرَّر بس هو في الحقيقه إعتقاد خاطئ مُبرَّر وهو مش هايعرف، وبالتّالي على الرغم إن إعتقاده يبدو معرفه بس هو مش معرفه.

في السلسله دي هانركِّز أكتر على الإشكاليات اللي موجوده في التَّسويغ Justification، مش الإشكاليات اللي في صِّدق أو حقيقيَّة الإعتقاد، زي ما بيقول Jeremy Wanderer في رسالة الدكتوراه بتاعته بعنوان Contagious Knowledge: A Study in the Epistemology of Testimony ص15 إن بالرغم من إن المناقشات بخصوص المعرفة بالخَبَر بتناقش فكرة المعرفة إلا إن الواقع هو إن النقاشات دي بتدور حوالين فكرة الـ doxastology أو بمعنى أصح بتدور حوالين التّسويغ أو الأدلّه، بحيث إنك تناقش المُبرِّرات والتَّسويغات وتكون “لا أدري” بخصوص العلاقه ما بين الإعتقاد الصادِق المُبرَّر وبين المعرفه نفسها. السؤال الكبير في المعرفه بالخَبَر Testimony هو إيه نوعيَّة ومواصفات الخَبَر اللي يصلح إنه يكون تسويغ. يعني إيه نوع وكَم الدَّليل اللي محتاجه عشان تقول إنّك مُبَّرر في تصديق خَبَر، وإيه الحَالات اللي ممكن متحتاجش فيها دليل عشان تصدَّق وبتشتَرط فقط وجود نافي defeater للخَبَر عشان ترفضه.

مبدئياً في قُطبين في دراسة الخَبَر (التعريفات اللي هاشرحها من ورقة Timothy Perrine سنة 2014 بعنوان In Defense of Non-Reductionism in the Epistemology of Testimony)، القُطب الأوّل وهو المنظور الإختزالي Reductionism اللي بيشوف إن المعرفه بالخَبَر مش مصدر معرفي مُستقل بذاته، وبالتّالي أي معرفه بالخَبَر لازم يدعهمها حاجه من المصادر التلاته الأساسيه وهي الحِس perception والمنطق Reason والذاكرة Memory، والقُطب ده بيُنسب لـ David Hume (مع إن في بعض الباحثين زي Coady اللي بيشوفو إن دي قراءه مش دقيقه لكلام هيوم). أما القطب التّاني أو المنظور اللا-إختزالي Non-reductionism ف بيشوف المعرفه مصدَر مُستقل بذاته مش محتاج يُستدَل عليه بالمصادر التلاته التانيه، يعني من الآخر عنده أربع مصادر للمعرفه وهم الحِس والمنطق والذاكرة والخَبَر، وده قطب بيُنسب لـ Thomas Reid). كل منظور من الإتنين بيتفرَّع لنظريات متعدده وكل نظريه منهم على كذا نَقد. خلينا نمشي الأول مع النسختين اللي ناحية القطبين وبعد كده نشوف النُسخ اللي في النصّ على ال spectrum.

خلينا الأول نمشي مع ال Global Reductionism صيغة التعبير عنها كالتّالي (هاكتبهالك بالإنجليزي زي ما هي في الكتب وبعدها مصدر الصيغه وبعد كده هاشرحهالك بالعربي):

For all of one’s TBBs, if one’s TBB is justified, then one is able to offer sufficient non-testimonial grounds in support of that TBB. (Duncan Pritchard 2004, p.328)

الصيغه دي معناها إن لكل مُعتقدات الفرد المبنيّة على الخَبَر (TTBs ومفردها TTB)، إن كان المُعتقد المبني على الشهادة مُبرَّر (مُسوَّغ)، إذن الفرد يقدر يقدِّم مُسوِّغات كافيه غير مبنيّه على الشهاده لدعم إعتقاده المبني على الشهاده. خلاصة الكلام ده هي إن أي مُعتقد هاتتبناه بناءاً على الشهاده لازم يكون عليه دليل يدعمه بحيث يكون الدّليل نفسه مش مبني على الشهاده محل البحث نفسها ولكن يكون الدليل مبني على الحِس أو المنطق أو الذاكرة. ف مثلاً لو أنا جيت وقولتلك إن في حريق بعدنا بكام شارع ف إنت مش المفروض تصدقني إلا (مثلاً) لو بصيت من الشباك ف شوفت دخان، وجود الدخان هنا دليل حِسّي ومنطقي تقدر تقيِّم بيه صِحَّة محتوى الخبر. ممكن حد يقولي طيب مانت ممكن تقيِّم موثوقية الخَبَر بناءاً على سِمات ناقله، يعني لو أنا شخص موثوق بالنّسبالك ده يُعتبر دليل على صِدق الخَبَر اللي أنا بنقله. هاقولك آه ده مَسلَك تاني هانجيله قدّام إسمه Virtue Epistemology لأن محَل التَّصديق هنا مش الخَبَر نفسه، ولكن صِفات المُخبر.

الناحيه التانيه أو القطب التاني إسمها Bare Credulism، وصيغة التَّعبير عنها كالتّالي:

Some testimonial beliefs possess positive epistemic status independent of that conferred by perception, memory, and induction. (Duncan Pritchard 2004, p.328)

الصيغه دي معناها إن بعض المُعتقدات المبنيّه على الشهاده ليها قيمه معرفيّه إيجابيّه مُستقله عن المعرفه بالحِس والذاكرة والإستقراء. يعني في أخبار صَالحه إنها تكون معرفه بدون ما نحتاج نرُدَّها لأي مصدر معرفي أوّلي تاني. المنظور ده بيستدل على إن كل معارفنا كأطفال (والبعض بيقول كمان المعارف اللي بنستقيها من المُجتمع العلمي) مبنيَّه على الخَبَر ومش بنقيِّمها بالأدوات بالحِس والمنطق والذاكره. المعارف دي بتكون تَلَقِّي مَبني على إن مفيش شيء يدحَض الخَبَر في حدود معارفنا السَّابقه، قبول ناتج عن غياب أسباب الرفض أو غياب ال defeaters.


(2) قضيَّة الفضائي لجينيفر لاكي

عشان تقدر تفهم الفرق والخِلاف اللي ما بين الأطروحتين اللي إتكلمت عنهم (الإختزاليَّة Reductionism واللا إختزاليَّةNon-Reductionism ) وما يتفرَّع عنهم من مناهج، خلينا نشوف مثال طرحته Jennifer Lackey (وهي مُنظِّره للإختزاليّه) عشان تنقد بيه اللا إختزاليّه، ونشوف كمان تعليق Timothy Perrine ونقده لنقد Jennifer Lackey بإعتباره مُنظِّر لنُسخه مُعيَّنه من اللا إختزاليّه.

قبل بس ما ندخل في تفاصيل وتعقيدات المقال بتاع Lackey، خلينا نبص بصه سريعه على معايير إتنين من مُنظِّري الإختزاليّه في قبول الشهاده، وهم Miranda Fricker و Edward Craig. خلينا نبتدي ب Fricker (من مقال Group Testimony? The Making of A Collective Good Informant)، المعايير التلاته اللي حددتهم لقبول شهادة شخص بإعتباره Good Informant أو مُخبِر صالِح لنقل الخَبَر هم كالتالي:

(1) إن المُخبر يكون موجود في سياق يسمحله إنه يعرف المعلومه اللي بينقلها.
(2)
كون قنوات التّواصل معاه مفتوحه بحيث ميكونش بيتعمّد الكذب أو إخفاء المعلومات.
(3)
يكون في المُخبر ده صِفات تسمح للمُتلقّي إنه يعرف تَحقُّق الشَّرطين (الأول) و (التاني) في المُخبِر.

أما شروط Craig (موجودين في ورقه بعنوان The Mark of a Good Informant ل Catherine Z. Elgin) هي كالتالي، عشان المُخبِر س يكون مُخبِر جيِّد للخبر ص إن كان:

(1) ص حقيقي.
(2) س
يعتقد أن ص حقيقي.
(3)
س موثوق في الأمور اللي تتعلَّق بالأمور اللي زي ص.

دلوقتي هانشوف المثال بتاع Lackie اللي بيوضح ليه مُتلقِّي الخَبَر لازم يكون عنده سبب إيجابي لقبول الخَبَر وإنه مينفعش يقبله فقط لعدم وجود نَفي أو defeater زي ما بتقول اللا إختزاليّه. في كاتبها بعنوان Learning from words: testimony as a source of knowledge في الصفحات 168-169 بتقول Lackie المثال التالي (هانسميه مثال الفضائي Alien):

“سام، إنسان عادي، بيتمشّى في غابه في صباح يوم مُشمِس، ومن بعيد بيشوف شخص بيرمي كتاب. على الرغم إن هيئة الشخص ده خلِّت سام يعرف إنه فضائي من كوكب تاني إلّا إن سام ميعرفش أي حاجه عن نوع الفضائي ده ولا عن الكوكب اللي جه منّه. دلوقتي سام مش شايف الفضائي، لكنه بيلاقي الكتاب اللي رماه الفضائي. ولما فتح الكتاب لقاه مكتوب بالإنجليزي وزي اللي إحنا بنسميه على الأرض “مُذكِّرات”. وبعد ما قرا أول جُمله في الكتاب كوِّن إعتقاد إن النمور إفترست بعض سُكان كوكب الفضائي ده وهم بيستكشفو كوكب الأرض. في الواقِع الكتاب مُذكِّرات فعلاً، والفضائي بيتواصل بالإنجليزي، وحقيقي وموثوق إن النمور إفترست بعض سُكَّان كوكب الفضائي موضِع السؤال. هنا سام مُتلقِّي للشَّهاده وفاعِل بشكل سليم، وكمان هو في سياق مناسب يخليه يستقبِل شهادات موثوقه.”

 المُشكله اللي بتعرضها Lackie هنا إن خلينا نفترض إن الفضائي ده من صِفات بني جنسه الكدب، ونفترض كمان إن اللي كان بيكتبه الفضائي مش إنجليزي، خلينا نسميه Twenglish، لغه شبه الإنجليزي وبتشترك معاه في بعض الحروف والكلمات، بس النفي فيها يعني الإيجاب، ونفترض كمان إن نوع النصّ genre اللي بِنيته الأدبيه عندنا بنسميها مُذكِّرات بيستخدمه الفضائي وقومه عشان يكتبو اللي إحنا عندنا بنسميه “خيال علمي”. هل ساعتها سام مُسوَّغ أو مُبرَّر في قبول شهادة الفضائي بخصوص خبر النمور اللي أكلت أصحابه ولا ساعتها سام هايوصله إعتقاد خاطئ بسبب إفتراضاته الخاطئه عن طبيعة ناقل الخَبَر وعن نوع النصّ ولغة النصّ؟

النقد بتاع Lackie هنا مُهم وسليم، سام مش هايكون مُبرَّر في إنه ياخد شهادة الفضائي على مَحمل الصدق بشكل prima facie (بمعنى ياخدها على مَحمل الصِّدق إلى أن يثبت العكس). بس هل ده معناه إن الموقف اللا إختزالي خاطئ؟ هنا محتاجين نروح نشوف تعليق Timothy Perrine على مثال الفضائي في ورقه بعنوان In Defense of Non-Reductionism in the Epistemology of Testimony. حُجِّة Perrine في الدِّفاع عن اللا إختزاليّه هي إن Lackie إفترضت إن بحسب مبادئ اللا إختزاليّه المفروض سام يقبل شهادة الفضائي، في حين إن الإفتراض ده مش صحيح. طب ليه مش صحيح؟

مبدئياً نقد Lackey مُصاغ في ورقة Perrine كالتّالي:

  • إن كانت النُسخه ال maximal من اللا إختزاليّه صحيحه، ف في مثال الفضائي سام من خلال شهادة الفضائي “يعرف” إن النمور أكلت بعض الفضائيين اللي كانو بيستكشفو الأرض.
  • سام ميعرفش إن ده حصل.
  • إذن، النُسخه ال maximal من اللا إختزاليه غير صحيحه.

بيقول Perrine إن لو فهمنا المدخَل اللا إختزالي صح هانشوف إن الطرح اللي قالته Lackey بيصوَّر الوضع بشكل مش صحيح. اللا إختزاليه مش بتقول إن أي شهاده بتُقبَل بشكل ساذج، ولكن بتُقبَل لو مفيش ليها نافي أو defeater، بس في الحاله دي سام عنده نافي. بيشرح Perrine فكرته وبيقول إن سام عنده خِبره كبيره في التعامل مع البشر ومع المواقف والأشخاص اللي مرّ بيهم في حياته، وإن المواقف ومعرفته بالأشخاص دول هم المعايير اللي بناءاً عليها بيقيِّم مصدر المعرفه اللي بيتعامل معاه. بس المُشكله إن مصدَر المعرفه اللي بيتعامل معاه دلوقتي جديد تماماً، نوع غير بشري ميعرفش طباعه وصفاته ومقاصد لغته وطريقة تفكيره. وبالتّالي سام على مباني اللا إختزاليّه مش هايكون مُبرَّر في تصديق الخَبَر لأن الخَبَر ده لا يقَع في حيِّز معارفه السّابقه وبالتّالي مينفعش صِدق الخَبَر والمُخبِر يكون مُفترض مُسبقاً. وهاضيف نقطه كمان (دي من عندي) إن المعرفه البشريّه ليها سياقات مُعيَّنه بتتبني على الثِّقه والمصلحه المُتبادله. ف مثلاً الطفل بيثِق في أبوه وأمه والمدرسين بتوعه، والتَّاجِر محتاج يبني بينه وبين المُشتري جسور ثِقه عشان تتم المُعاملات الماليّه، والمريض بيثِق في طبيبه، وكل دي خبرات بتخلينا عندنا بعض الدّوافِع للتصديق وللإستمرار في أخذ الخَبَر على محمل الصِّدق إلى أن يظهَر خطأه أو يظهرله نافي. لكن في مثال الفضائي سام معندوش أي حاجه من ال background knowledge دي، وبالتّالي على مباني اللا إختزاليّه سام غير مُبرَّر في التَّصديق وقبول الخَبَر بشكل prima facie خطأ ولا يقود لمعرفه بتتحقق فيها الشروط التلاته.

تعالي نرجع تاني لشروط Fricker و Craig ونشوف موقِف الإختزاليّه على الجانِب الآخَر. لو سام جه يحكيلك اللي حصل معاه، هل سام هايتحقق فيه الشروط؟ هل سام يقدر “يعرف” يعني يتحققله الصِّدق والتَّبرير في إعتقاده بإن النمور أكلت أصحاب الفضائي؟ لأ. طب هل تربطك بسام قنوات تواصل تخلي سام ميكدبش عليك أو يخلي عليك معلومات؟ ممكن تقول آه، أنا أعرف سام وسام ثقه بالنّسبالي، بس لو سام جه يحكيلك شيء غير إعتيادي وغريب بالشكل ده هل هاتاخده على محمَل الصِّدق وتقول مش محتاج دليل غير إن سام ثقه؟ على ما أظن مش من الطبيعي أو العقلاني إن حد يعمل كده (و Perrine بيستخدم النقد ده كمان). طب آخر حاجه في معايير Fricker، هل تقدر تتحقق من توافر أول شرطين في سام وهم قدرته على معرفة اللي بينقله وصلاحيته في نقل الخبر من ناحية الصِّدق وعدم إخفاء المعلومات؟ لا متقدرش، لأنه هو نفسه متحققلوش المعرفه للأسباب اللي ذكرناها قبل كده ولأن محتوى الخبر اللي بينقله يتعارض مع معارفك إنت شخصياً وبالتّالي قبول شهادة سام بناءاً على صفاته الشخصيّه أو ال virtue بتاعته بدون قرينه خارجيّه تدعم كلامه مش هايكون صحيح. ونفس الإشكاليات هاتنطبق لو جربنا نطبّق معايير Craig.

بناءاً على ما سبق ف قصّة سام والفضائي مرفوضه معرفيّاً على مباني الإختزاليين واللا إختزاليين. على مبائي اللا إختزاليين خبرات سام السابقه اللي هي المعيار اللي بيقيس عليه قبول أيّ شئ لا تسمحله يعرف أي شيء عن الفضائي وممارساته الأدبيّه ولغته. وعلى مباني الإختزاليين مينفعش ناخد محتوى الخَبَر اللي بينقله سام على عهدة سام نفسه بإعتبار سام شخص كويس وصادق لأن سام نفسه معندوش الأدوات إنه هو شخصياً يعرف ولا خبراتنا إحنا الشخصيه تسمحلنا إننا نقبل الكَم ده من الأحداث اللي تُخالف العاده أو لا تطابق الواقِع بدون دليل غير ال virtues بتاعت المُتكلِّم. يعني من الآخر حتّى لو كنت تثق في سام ف إن سام ينقلك خبر غريب على معارفك بالدرجه دي هو مدعاه إنك تشُك في صِدق سام نفسه ولو صدقته ف هاتشُك في قدرته على المعرفه. لكن اللي مش طبيعي ولا منطقي إنه تقول أصلي هاصدقه عشان بثق فيه.

Similar Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *