مقدمة في المنطق (2) التعرف على الحُجج والفرق بينها وبين التفسيرات
- مقدمة في المنطق (1) مفاهيم المنطق الأساسية
- ☑ مقدمة في المنطق (2) التعرف على الحُجج والفرق بينها وبين التفسيرات
- مقدمة في المنطق (3) الحُجج الاستنباطية والحُجج الاستقرائية
Michael Louis
الجزء الأول: المنطق واللغة
القسم الأول: الاستدلال
مفاهيم المنطق الأساسية (2)
التعرف على الحُجج والفرق بينها وبين التفسيرات
عشان تقدر تحلل حُجة وتنتقدها (بالإيجاب او السلب) لازم الأول تفهمها كويس وتكون قادر تتعرف على مُكوناتها، زي ما وضحنا قبل كدا ان اي حُجة بتتكون من مُقدمات- Premises ونتائج- Conclusions، والتعرف على أنهي قضايا- Propositions هي المُقدمات وأنهي هي النتائج أمر لابد منه لفهم الحُجة.
عادًة النتائج بتبقى مُرتبطة بألفاظ خاصة بالاستنتاج زي (إذًا… – بالتالي… – لذلك… – إلخ)، والمُقدمات بتكون مثلًا مرتبطة بألفاظ زي (لأن… – بما أن… – بسبب… – إلخ)، زي مثلًا: “بما أن خالد عنده اطفال، إذًا خالد مُتزوج.”
لكن مش كل الحُجج بيكون فيها ألفاظ بالمنظر دا توضحلنا أنهي جُزء هو المُقدمة وأنهي جُزء هو الاستنتاج، اوقات بيبقى لازم تتعرف على دا من السياق، واوقات تانية ممكن ميبقاش واضح، هناقش مثالين على الفكرة دي.
السؤال البلاغي- Rhetorical Question:
الاسئلة بتطبيعتها متعتبرش “قضية- Proposition”، لإن السؤال مفيش اي حاجة بيدّعيها، انا لو سألتك مثلًا “تعرف تلعب شطرنج؟”، انا هنا الجُملة اللي قلتها مفيهاش أي إدّعاء.
الاسئلة البلاغية مش بتبقى دايمًا بالشكل دا، بُص مثلًا على الاقتباس التالي لأسقف الكنيسة الأنجليكانية في نيجيريا:
“لماذا لم يجعل الله الأسد شريكًا للرجل؟ لماذا لم يجعل الشجرة شريكًا للرجل؟ او حتّى أفضل من الأسد والشجرة، لماذا لم يجعل رجلًا شريكًا للرجل؟ فإنه حتّى في قصة الخلق يُمكنك أن ترى قصد الله بأن تكون المرأة هي شريكة الرجل.”
الاقتباس دا عبارة عن حُجة، الأسقف بيحاجج ضد زواج المثليين، لكن المُقدمات موضوعة كاسئلة بلاغية، سؤال زي ” لماذا لم يجعل الله الأسد شريكًا للرجل؟” دا سؤال بلاغي، زيه زي أي سؤال، مفيهوش اي إدّعاء، لكن بكونه سؤال بلاغي فهو سؤال بيستدعي في ذهنك اجابة من المُفترض انها بديهية او واضحة (على الأقل في ذهن السائل)، فهو الاسئلة البلاغية بكونها اسئلة بتكون طبيعة الجُملة انها جُملة استفهامية او استجوابية، بالرغم من ان معناها خَبَري.
الحُجج المُعتمدة على مُقدمات في صيغة اسئلة بلاغية هي دايمًا محل شك، لإن السؤال بطبيعته ولا هو صحيح ولا هو خاطيء (هو ببساطة سؤال)، هي ممكن جدًا، بل وغالبًا، بيتم استعمالها لترجيح حقيقة قضية مُعينة مع تجاهل مسؤولية اثباتها.
على سبيل المثال، سنة 2007، العرب في أورشليم وضحوا عن قلقهم بخصوص منحدر بتبنيه اسرائيل بالقرب من المسجد الأقصى، وبالتالي كانوا قلقانيين ان يحصل اي شيء يؤدي لتلف المسجد او الآثار الإسلامية حواليه، وقتها أحد المسؤوليين الاسرائيليين قال في مُقابلة :”هل من الممكن ان العرب يكون هدفهم الأساسي هو الهجوم على اسرائيل، اكتر مما هو حماية الآثار الدينية والثقافية؟”
والاجابة هي طبعًا اه، ممكن جدًا يكون دا اهتماهم وهدفهم الأساسي، بس برضو ممكن لأ! السؤال بكونه مُصاغ بالشكل دا هدفه انه يقنع القاريء ان دا الهدف الأساسي، منغير ما هو يعمل الإدّعاء دا، وبالتالي متقدرش تواجهه بأنه إدّعى كدا، وبالتالي متقدرش تطالبه باثبات وجهة نظره.
فدايمًا لما تشوف حد بيطرح قضية وبيحاول يدعمها من خلال اسئلة بلاغية كُن مُتشكك، لإنه غالبًا بيحاول يقنعك بحاجة هو مش بيقول انه بيدّعيها لكنه بيطرحها عليك من خلال السؤال البلاغي.
الـEnthymemes:
الـEnthymemes هي حُجج لكن مش مطروحة بشكل كامل، بحيث ان الجزء المحذوف منها بيتم التعامل معاه انه حاجة مُتفق عليها من الكل.
على سبيل المثال، الابحاث العلمية الخاصة بالخلايا الجذعية الجنينية بتكون اوقات كتير محل جدل، الخلايا جذعية الجنينية هي خلايا جذعية متاخدة من الأجنة- Embryos، بتقدر تنمو لخلايا بأنواع مُختلفة ولمعظم أنواع الأنسجة، النوع دا من البحث العلمي مثير للجدل لإن عشان يتم اخد الخلايا الجذعية الجنينية لازم الجنين يموت، فاللي حصل ان احد مجلس الشيوخ الأمريكي قال:
“النوع دا من البحث العلمي غير قانوني، للسبب الآتي: القتل العمد لجنين انسان هو جزء اساسي من للنوع دا من البحث العلمي.”
لو حللنا الحُجة دي الموضوع هيمشي كالتالي:
مُقدمة 1: القتل العمد لجنين انسان هو جزء اساسي من للنوع دا من البحث العلمي.
استنتاج: النوع دا من البحث العلمي غير قانوني.
لو ركزت في الحُجة، فالاستنتاج بيستنتج شيء بخصوص القانون، بينما المُقدمة مفيهاش أي سيرة عن أي شيء قانوني، الحُجة فيها مُقدمة ناقصة، ممكن نصيغها كالتالي:
مُقدمة 2: قتل جنين انسان غير قانوني.
مُشكلة الحُجج اللي بالشكل دا، ان الجزء المحذوف مش شرط خالص يكون حاجة حقيقية او صحيحة او مقبولة من الكُل، في المثال السابق على سبيل المثال، المُقدمة 2 هي محل خلاف، في الواقع هي مش حقيقية في ولايات كتير في الولايات المتحدة الأمريكية، لكن بحذفها، بيضطر المُستمع او قاريء الحُجة انه يفترضها ضمنيًا، ولما بيعمل كدا فهو معظم الوقت بيغفل عن نقدها، فبحذف المُقدمة محل الجدل او الخلاف، بيعتقد المُحاجج بأنها اصبحت محمية من النقد او الهجوم لإنها مبقتش ظاهرة.
عشان تقدر تعرف إذا كان في مُقدمات مخفية ومفترض بديهيتها منغير ما تتقال، لازم تسأل نفسك هو الاستنتاج محل تركيزه على ايه، في المثال السابق، الاستنتاج كان بخصوص “القانون”، بينما المُقدمة المطروحة مفيهاش أي سيرة عن القانون، بالتالي لازم تشك، يا إما الحُجة غلط، يا إما فيها مُقدمة ناقصة مخفية عنك.
مش بس الاسئلة اللي تعتبر جُمل مبتعبرش عن قضية، لكن كمان الجُمل اللي في صيغة الأمر، يعني جُملة مثلًا زي “تعالا بسرعة” دا مفيهاش قضية بتطرحها او بتحاول تثبتها او بتفترض صحتها، لكن مش كل الجُمل في صيَغ الأمر بالشكل دا، بص على المثال دا مثلًا:
“الحكمة هي الرأس (الأساس)؛ فاقتن الحكمة” – الأمثال 4: 7.
هنا الجزء التاني من الجُملة هو أمر، والأمر زيه زي السؤال ولا هو صح ولا هو خطأ، وبالتالي مينفعش يكون قضية- Proposition، وبالتالي مينفعش يكون استنتاج، لكن دا مش دقيق طبعًا، النص السابق يُمكن اعادية صياغته كالتالي:
مُقدمة: الحكمة هي الرأس/الأساس.
الاستنتاج: يجب اقتناء الحكمة.
وبالتالي فهو في بعض الأحيان جُمل الأمر بتكون استنتاج لحُجة، عشان تقدر تعرفها وتفهمها لازم تكون قادر تعمل اعادية صياغة بشكل شبيه للشكل السابق دا.
اخيرًا، الألفاظ اللي تم ذكرها في أول المقال زي ما قلنا ممكن توضحلك أنهي جُزء من الحُجة هو المُقدمة وأنهي جُزء هو الاستنتاج، لكن وجودها مش بالضرورة معناه انك قصاد حُجة، بص مثلًا على المثالين دول:
- ” اكنزوا لكم كنوزا في السماء، حيث لا يفسد سوس ولا صدأ، وحيث لا ينقب سارقون ولا يسرقون، لأنه حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضا.” – متى 6: 20 و21.
- ” لذلك دعي اسمها «بابل»، لأن الرب هناك بلبل لسان كل الأرض.” – تكوين 11: 9.
المثال الأول هو حُجة، يُمكن تحليلها كالتالي:
مُقدمة: حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضا.
استنتاج: اكنزوا لكم كنوزا في السماء، حيث لا يفسد سوس ولا صدأ، وحيث لا ينقب سارقون ولا يسرقون.
المثال التاني بالرغم من انه استعمل لفظ زي “لذلك” إلا ان اللي قدمه مش استنتاج، وبالرغم من انه استعمل لفظ زي “لأن” إلا انه مقدمش مُقدمة، المثال التاني مش حُجة، لكنه تفسير (تفسير لتسمية بابل بالاسم دا)، فهو المثالين دول بيوضحوا ان بالرغم من تشابه الجُملتين في التركيب لغويًا لكن ممكن جدًا يكون ليهم وظائف مُختلفة.
كتمرين، حاول تحلل النص الآتي وتشوف هو تفسير ولا حُجة:
“البشر عندهم ألوان بشرة متفاوتة بحسب بُعد حياة أسلافنا عن خط الاستواء. الموضوع كله مُتعلق بالشمس. لون البشرة هو اللي بينظم رد فعل جسمنا تجاه الشمس والاشعة بتاعتها. البشرة الغامقة تطورت لحماية جسمنا من أشعة الشمس المفرطة. البشرة الفاتحة تطورت لما بدأ البشر يهاجروا بعيد عن خط الاستواء واحتاجوا انه يتم تكوين فيتامين د في بشرتهم. عشان دا يحصل كان لازم يخسروا الصبغات الحيوية- Pigments. وبشكل مُتكرر على مر التاريخ حول البشر بشرتهم من بشرة غامقة لفاتحة والعكس. دا بيوضح ان لون البشرة مش صفة ثابتة.” – نينا جابولنسكي.
اجابات التمرينات في الجزء السابق:
- توما الإكويني حاجج بأن ذكاء الإنسان هو عطية إلهية، وبالتالي، ان نستعمله لفهم العالم ليس اساءة لله، لكنه شيء يُسعد الله.
المُقدمة: ذكاء الإنسان هو عطية إلهية.
الاستنتاج: ان نستعمله لفهم العالم ليس اساءة لله، لكنه شيء يُسعد الله.
- “البيوت تُبنى لنسكن فيها، وليس لننظر إليها، وبالتالي يجب تفضيل النفع على الاتساق.” – فرانسيس بيكون.
المُقدمة: البيوت تُبنى لنسكن فيها، وليس لننظر إليها.
الاستنتاج: يجب تفضيل النفع على الاتساق.
- “المعرفة المُطلقة والقدرة المُطلقة غير مُتوافقين بشكل مُتبادل. لو أن الله كُلي المعرفة فهو يعرف مُسبقًا كيف سيتدخل ليُغير مجرى التاريخ باستعمال قدرته المطلقة. لكن هذا يعني أنه لا يستطيع تغيير رأيه بشأن تدخله في التاريخ، مما يعني أنه غير قدير.” – ريتشارد دوكينز.
مُقدمة: لو أن الله كُلي المعرفة فهو يعرف مُسبقًا كيف سيتدخل ليُغير مجرى التاريخ باستعمال قدرته المطلقة.
استنتاج: هذا يعني أنه لا يستطيع تغيير رأيه بشأن تدخله في التاريخ.
مُقدمة: الله لا يستطيع تغيير رأيه بشأن تدخله في التاريخ.
استنتاج: إذا كان الله مُطلق المعرفة فهو غير مُطلق القدرة.
مُقدمة: إذا كان الله مُطلق المعرفة فهو غير مُطلق القدرة.
استنتاج: المعرفة المُطلقة والقدرة المُطلقة غير مُتوافقين بشكل مُتبادل.
- ” العقل/المنطق هو أكبر عدو للإيمان؛ فهو لا يأتي أبدًا لمساعدة الأمور الروحية، بل كثيرًا ما يصارع ضد الكلمة الإلهية، ويتعامل بازدراء مع كل ما يصدر عن الله.” – مارتن لوثر.
مُقدمة 1: العقل لا يأتي ابدًا لمساعدة الأمور الروحية.
مُقدمة 2: العقل كثيرًا ما يُصارع ضد الكلمة الإلهية، ويتعامل بازدراء مع كل ما يصدر عن الله.
استنتاج: العقل هو أكبر عدو للإيمان.