f563065256a6d8e47d7d218edf4bcc88d1bd0485

مقدمات في منهجيات التفسير 6: النقد الإجتماعي والديني لويليام بليك

المقال رقم 6 من 6 في سلسلة مقدمات في منهجيات التفسير
Screenshot 20250723 195633 Gallery

MA in Applied Linguistics and TESOL, Portsmouth University, United Kingdom. His current research areas are Critical Discourse Analysis, Gender Relations, Religious Literature, and Hermeneutics

النهارده حضرت محاضره عن النقد الإجتماعي والديني اللي كان بيقدمه William Blake في شِعره. وكان جزء من المحاضره إننا نحلل A Little Boy Lost، وفي شوية أفكار حلوه ممكن تربط معانا بموضوع منهجيات التفسير. التحليل اللي هاقوله مبني على حاجتين، تحليلي أنا من خلال قراءتي للنص من غير تحضير أو مصادر وتحليل بعض الناس اللي كانو موجودين وبعضهم كان محضّر التحليل لأنه قراها قبل كده.
مبدئياً ال poem متكونه من ٦ فقرات، أو stanzas، أول إتنين بصوت وآخر ٤ بصوت تاني. إقرا أول فقرتين ونتكلم فيهم:
‘Nought loves another as itself,
Nor venerates another so,
Nor is it possible to Thought
A greater than itself to know:
‘And, Father, how can I love you
Or any of my brothers more?
I love you like the little bird
That picks up crumbs around the door.’
الفقرتين دول بيقولو الآتي:
مفيش حد بيحب حد تاني زي ما بيحب نفسه، ولا بيقدِّس/بيحترم حد تاني بالشكل ده (يعني أكتر من نفسه)، ولا هو من الممكن إن الفكِر يعرف شيء أكبر منه
لحد هنا الفكره مباشره، بس الجزء التاني هايوضح سياق أكبر مش باين في الجزء الأول. في الورق اللي كان معايا في المدرسه كلمة father مكانتش مكتوبه بحرف capital، وشكيت إنها المفروض تكون بحرف capital فعلاً وسألت على النقطه دي. لما رجعت البيت وبطلع النصّ أونلاين لقيتها فعلاً capital F. الفرق هنا كبير، هل الكلام اللي جي هايتفسر في سياق نقد للعائله ولا نقد للدين؟
الجزء التاني بيقول للأب (أو بالأحرى بالمصطلح اللاهوت المسيحي للآب): إزاي أنا هاقدر أحبك أو أحب إخواتي أكتر (من نفسي)؟ أنا بحبك زي عصفور صغير بياكل من الفتات اللي حوالين الباب.
بعد ما قريت النص مرتين، أول حاجه جت غي دماغي هي إن صوت اللي بيتكلم هنا صوت شخص بينتقد أول وصيتين بحسب صياغة إنجيل لوقا ١٠: ٢٧: فَأَجَابَ وَقَالَ: «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ، وَقَرِيبَكَ مِثْلَ نَفْسِكَ». Blake هنا بيتكلم على لسان الشخص ده (واللي هانعرف من الفقره الجايه إنه طفل) وبيتسائل عن معنى الوصيتين. إزاي تحب الله أكتر من نفسك؟ وإزاي تحب أخوك أكتر من نفسك؟ لحد هنا الطفل بيسأل سؤال مشروع، هو مش بيتمرّد لأنه في نفس الفرقتين بينادي الله بلقبه الأبوي، وبيقوله إنه بيحبّه، لكن في نفس الوقت بيقوله إنه بيحبّه مع إنه زي طائر صغير بيتغذى على فتات. صوره تديك إنطباع عن إن الطفل شايف إنه مُهمل ومتروك، مش حاسس بالعنايه. وصورة العصفور أو الطائر الصغير اللي بياكل من فتات قدام باب تديك صوره إن العصفور ده برا بيت، مش جوا البيت.
في الفقره اللي بعدها بتقول:
The Priest sat by and heard the child,
In trembling zeal he seiz’d his hair:
He led him by his little coat,
And all admir’d the priestly care.
هنا في كاهن بيسمع كلام الطفل، اللي غالباً كان بيكلم ربنا بصوت عالي في مكان ما عند الكنيسه، ويمكن دي ليها إشاره في إن الطفل بيوصف موقفه من الله بإنه طائر صغير عن الباب، باب الكنيسه؟ المهم، بيسمع الكاهن كلام الطفل وبغيره دينيه شديده بيروح يجيبه من شعره وبيشده من وبيمسكه من هدومه، وفي السطر الأخير من الفقره دي الناس فسرت كل أفعال الكاهن كإهتمام بالولد. السطر ده إما ironic أو إنه بيحاول يبين إزاي المجتمع مبيشوفش اللي في السلطه الدينيه غلطان ودايماً بيفسر أفعاله حتى لو ظاهرها سيء على إنها أعمال خير.
الفقره الرابعه:
And standing on the altar high,
Lo! what a fiend is here,’ said he,
‘One who sets reason up for judge
Of our most holy Mystery.’
بيشد الكاهن الطفل للمذبح العالي وكأنه بيحطه قدام الناس وبيقول بصو وشوفو الشيطان اللي هنا، اللي بيحاول بالمنطق يحاكم أقدس أسرار الكنيسه. وده يرجعنا تاني للفقره التانيه. نقد الكاهن لكلام الطفل بتبين إنه فهم كلامه كنقد ديني مش فقط نقد لمفهوم العائله. الكاهن شايف إن سؤال الطفل عن الوصيه ومعناها وعقلانيتها هو تمرُّد على الوصيه ولأنها الوصايا المحوريه في الوصايا العشره ف هي نقد لكل الوصايا ولكل المبني عليها، نقد لسلطة الدين كلها على بعضها. بس تفسير الكاهن مش صحيح، لأن أولاً الطفل رايح الكنيسه، بيكلم الإله، وبيصارحه بأفكاره وبيعلنله عن حيرته بخصوص الوصيه. الكاهن شاف إن من حقّه يقتحم المساحه بين الطفل والإله ويحاكم الطفل على سؤاله، يحاكمه كشيطان ويسلمه للمجتمع على مذبح الكنيسه.
الفقره الخامسه:
The weeping child could not be heard,
The weeping parents wept in vain;
They stripp’d him to his little shirt,
And bound him in an iron chain;
صوت الطفل بيختفي وسط صوت الجموع، اللي إرتفاع صوتهم يديك لمحه لمشهد يسوع وقت المحاكمه لما كان الصوت السائد هو صوت الجموع اللي بتنادي بصلبه. وبكاء أهل الطفل كان بلا جدوى، المجتمع بارك حُكم الكاهن على الطفل ومش بس وافقو على التهمه دول كمان بدأو يخلعو هدومه وربطوه بسلاسل حديد. هنا. Blake بينتقد المجتمع اللي بيتحرك ورا السُلطه، مدام راجل الدين قال كذا ف كلامه صحيح ومُصدّق وتفسيره للأمور لا يقبل النقاش وأحكامه نافذه ولو هو منفذهاش بإيده المجتمع نفسه هاينفذها.
الفقره السادسه:
And burn’d him in a holy place,
Where many had been burn’d before:
The weeping parents wept in vain.
Are such things done on Albion’s shore?
في الفقره دي اللي حرق الطفل على المذبح مش الكاهن، ولكن الجموع .. المجتمع قدِّم الطفل محرقه على مذبح الكنيسه كإنعكاس لمحرقات العهد القديم، بس المره دي مش تقدمه من اللي ربنا طلبها ولكن تقدمه من تقدمات الآلهه الوثنيه اللي الإله حرّمها. في الصوره دي المجتمع الديني لما بيفسد بيرتَد لوثنيّه. النقد هنا مش للدين ككل، ولكن للمؤسسه اللي بتمنع التفكير وبتقف بين المؤمن وبين إلهه عشان تحاكمه على رؤيته وتفسيره وخطابه القلبي لإلهه. السلطه الدينيه والمجتمع شافو إن سؤال الطفل عن الوصيه جُرم لا يغفره حُب الطفل لإلهه وزيارته للكنيسه ومناداته لله ب “Father”.
جزء من سلسلة: مقدمات في منهجيات التفسير<< مقدمات في منهجيات التفسير (5): (أ) مثل الإبن الضال

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *