تكوين التوراة – الفصل العاشر: التقليد التثنوي – الإصدار التثنوي الأول – مايكل لويس
- تكوين التوراة – مايكل لويس
- تكوين التوراة – الفصل الثاني: نشأة الحكم الملكي – مايكل لويس
- تكوين التوراة -الفصل الثالث: مملكة داود وسُليمان – مايكل لويس
- تكوين التوراة – الفصل الرابع: يهوذا واسرائيل – مايكل لويس
- تكوين التوراة – الفصل الخامس: التقليد اليهوي والتقليد الإيلوهيمي – مايكل لويس
- تكوين التوراة – الفصل السادس: التقليد الكهنوتي – صراع موسى وهارون – مايكل لويس
- تكوين التوراة – الفصل السابع: التقليد الكهنوتي – الطوفان كمثال – مايكل لويس
- تكوين التوراة – الفصل الثامن: يوشيا الملك وانهيار مملكة يهوذا – مايكل لويس
- تكوين التوراة – الفصل التاسع: التقليد التثنوي – كتب التأريخ التثنوي – مايكل لويس
- ☑ تكوين التوراة – الفصل العاشر: التقليد التثنوي – الإصدار التثنوي الأول – مايكل لويس
- تكوين التوراة – الفصل الحادي عشر: التقليد التثنوي – الإصدار التثنوي الثاني – مايكل لويس
- تكوين التوراة – الفصل الثاني عشر: المُفارقة الكُبرى والمُحرر الأخير – مايكل لويس
الاصحاحات من 12 لـ26 في سفر تثنية الاشتراع ممكن نسميها (أحكام التثنية)، الأحكام دي بتمثل نُص السفر تقريبًا وغالبًا هي دي اللي تم إيجادها في الهيكل جنب تابوت العهد في زمن الملك يوشيا، بنلاحظ كذا حاجة في الأحكام دي:
- أول حاجة بتتكلم عنها أحكام التثنية هي مكان العبادة، وانه لازم يكون مكان الذبح مكان واحد فقط هو المكان اللي اختاره يهوَه، وكل اماكن العبادة التانية لازم يتم تدميرها، الاستثناء الوحيد لعدم تقديم الذبيحة في المكان اللي اختاره يهوَه هو لو كان الشخص بعيد جدًا عن المكان دا وميقدرش يذبح فيه، فبيبقى ممكن يذبح في بيته بشرط إراقة دم الذبيحة على الأرض.
- الأحكام بتحدد معايير معينة لاختيار الملوك زي انه لازم يكون من بني اسرائيل مش ملك اجنبي، والملوك في شروط لازم يتبعوها، زي انه ميكونش عنده خيول كتير، ولا ذهب وفضة كتير، ولا نساء كتير، وانه لما الملك يتم تنصيبه على العرش لازم ينسخ الشريعة دي من عند الكهنة واللاويين.
- مش بيتم التمييز بين الكهنة اللي من نسل هارون وبين بقية سبط لاوي، كل الكهنة واللاويين بيتعاملوا بنفس الطريقة، والأحكام بتوضح ان سبط لاوي ملوش نصيب ولا ميراث مع اسرائيل، اللي بيحصل انه بيعيش على الدعم اللي بيقدموا ليه الأسباط التانية، والأحكام بتوضح ان الكهنة ليهم دايمًا نصيب من الذبيحة، وليهم بواكير القمح والنبيت والزيت والغنم.
- الأحكام دي بتتعامل مع موقف الجيش والحرب نفس تعامل فترة ما قبل الملك داود معاها، بمعنى ان مفيش جيش للملك بالشكل اللي عمله الملك داود زي ما وضحت في أول السلسلة، لكن اللي بيحصل في الأحكام دي ان الكاهن بيجمع الشعب وبيتكون الجيش اللي هيحارب من الناس اللي بتيجي من أسباط بني اسرائيل، لكن مش بشكل جيش مُحترف زي اللي أسسه داود.
- مفيش ذكر في أحكام التثنية لهارون، وزي ما قلنا مش بتميز بين الكهنة اللي من نسله وباقي سبط لاوي، مفيش ذكر لتابوت العهد ولا للشيروبيم ولا أي حاجة اتحطت بعد كدا في الهيكل في أورشليم.
الملاحظات دي بتوضحلنا مين اللي ممكن يكون كتب أحكام التثنية.
واضح ان الكاتب مكنش ملك او حد من العائلة الملكية، في النهاية الأحكام بتحط حدود كتير للملك، وعلى الجانب الاخر، الاحكام بتدي مميزات كتير للكهنة واللاويين، بس انهي مجموعة من الكهنة؟
احنا لحد دلوقتي اتكلمنا على كذا مجموعة من الكهنة، منهم كهنة بيت إيل اللي عينهم ياربعام في اسرائيل، بس دول مكانوش من سبط لاوي، في حين ان الاحكام بتتكلم عن كهنة سبط لاوي تحديدًا.
في برضو كهنة أورشليم، اللي بيُعتقد انهم من نسل هارون، بس احكام التثنية مش بتفضلهم في شيء، ومش بتذكر هارون إطلاقًا، ولا بتذكر تابوت العهد، المفروض ان الكهنة دول خدموا في أورشليم، لو كانوا هما الكُتّاب، كان حاجة من دول على الأقل ممكن تتذكر.
الكهنة اللي الأحكام دي بتتوافق مع موقفهم هما كهنة شيلوه اللي بيُعتقد انهم من نسل موسى، اللي هما نفس المجموعة اللي بيُعتقد انه تم كتابة التقليد الإيلوهيمي عندهم، الكهنة دول بيميلوا لفكرة مركزية مكان العبادة، لإن في فترة في تاريخهم على الأقل كان مكان العبادة في شيلوه ايام صموئيل النبي، لكن بعد كدا سُليمان أهمل مكانتهم ومن بعده ياربعام وعين بدالهم كهنة من خارج سبط لاوي، والأحكام برضو بتحدد معايير وبتحط حدود لاختيار الملك وبتتكلم عن جيش قائم على التطوع من داخل الاسباط لإن هو دا اللي كان بيديهم مركزهم وبيخلي وجود الملك بدون دعم الكاهن والنبي ملوش معنى، بس كل دا راح على أيد الملك داود لما تم تأسيس جيش مُستقل، والاحكام دي مش بتميز ولا بتعطي أفضلية للكهنة اللي من نسل هارون، ومفيش ذكر لتابوت العهد ولا اي حاجة كانت موجودة في الهيكل لإن لفترة كبيرة جدًا الكهنة دول مكنش ليهم علاقة بالهيكل ولا باللي فيه، الأحكام بتوافق مواصفات كهنة شيلوه تقريبًا في اي زمن بعد انفصال مملكة يهوذا عن اسرائيل وقبل انهيار مملكة اسرائيل.
الشخص اللي أنهى كتب التأريخ التثنوي (ممكن نسميه بالمؤرخ التثنوي)، اخد أحكام التثنية دي وحط قبليها مقدمة فيها خطابين لموسى، وبعدين بتصور موسى وهو بيدي للشعب أحكام التثنية، وبيوضحلهم بركات ولعنات طاعة الأحكام دي في الاصحاحات 27 و28 وفي النهاية كتب كلمات موسى الاخيرة وتشجيعه للشعب، وبيتم كتابة التورآة دي وبيديها للاويين عشان يحطوها جنب تابوت العهد وبعدين بيموت.
وبنلاحظ ان المؤرخ التثنوي ليه نفس اهتمامات كهنة شيلوه، في الجزء اللي كتبه المؤرخ التثنوي في سفر التثنية، في المقدمة، مش بيتم ذكر هارون غير مرتين، مرة عشان بيذكر غضب يهوَه عليه بسبب العجل الذهبي (تث 9: 20)، والمرة التانية بيذكر موت هارون (تث 10: 6) وهي احداث متمش ذكرها غير في التقليد الإيلوهيمي اللي كتبه احد كهنة شيلوه، كمان كل من التقليد الإيلوهيمي والتثنوي بيشير لجبل موسى باسم جبل حوريب (على عكس التقليدين اليهوَي والكهنوتي، بيسموه جبل سيناء)، التقليدين الإيلوهيمي والتثنوي بيعظموا أوي من موسى (على عكس ما بيحصل في التقليد اليهوَي والكهنوتي)، الاتنين بيهتموا بالانبياء (على عكس التقليد اليهوَي مفيش ذكر لكلمة نبي إطلاقًا والتقليد الكهنوتي مش بيذكرها غير مرة واحدة وبتبقى اشارة لهارون)، كل من التقليدين الإيلوهيمي والتثنوي بيهتم باللاويين بشكل عام (على عكس التقليد اليهوَي اللي سبط لاوي بيكون ملعون فيه بسبب قتل لاوي لسكان مدينة شكيم زي ما ذكرت قبل كدا، والتقليد الكهنوتي بيعظم من الكهنة اللي من نسل هارون على بقية كهنة سبط لاوي)، والاتنين بيتعاملوا مع هارون على انه شخص سيء وبيذكروا احداث زي قصة العجل الذهبي واصابة مريم بالبرص لتشاورها مع اخوها هارون على زوجة موسى (القصتين دول مش بيتم ذكرهم ولا في التقليد اليهوَي ولا الكهنوتي).
وفي النهاية بينتهي سفر التثنية بموت موسى وبيبدأ سفر يشوع من حيث انتهاء سفر التثنية، وهكذا وبيتم اضافة بعض النصوص في نص السفر عشان يحكي تصاعد التاريخ لحد وصوله لحكم يوشيا الملك، بيوصل لحد سفر صموئيل ويحط اضافة مهمة وهي العهد اللي بين يهوَه وداود، اللي اتكلمنا عنه قبل كدا وعرفنا انه عهد أبدي غير مشروط، بس هو غالبًا محطش العهد دا من عنده فجأة كدا، لكن غالبًا كان في تقاليد ان في عهد بالشكل دا بين يهوَه وداود (في تقاليد زي كدا في المزامير مثلًا) وهو بس كتب العهد دا في الكتاب بتاعه، والعهد دا بيدي نظرة متفائلة للتاريخ وكان منطقي انه يتم كتابته في زمن الملك يوشيا، وبنوصل في الاخر لسفر الملوك، اللي مُهمة المؤرخ التثنوي فيه كانت اكتر تعقيدًا من الاسفار اللي فاتت، لإنه مش بيحكي تاريخ شعب واحد لكن تاريخ شعبين، فبيذكر ملك من يهوذا وبعدين يروح يتكلم عن ملك في اسرائيل وبعدين يرجع تاني ليهوذا، وكل ملك بيبدأ باسمه وسنه وقت جلوسه على العرش ويوضح إذا كان كويس ولا شرير بعبارة (وصنع القويم في عيني الرب) أو (وصنع الشر في عيني الرب)، والمعظم كانوا بيبقوا اشرار لكن محدش منهم بيفقد مُلكه على العرش بسبب العهد مع داود، والكويسيين منهم مش بيهدموا كل المعابد والمشارف اللي بناها سليمان وياربعام، محدش بيبقى كويس للدرجة دي والمثالية دي غير يوشيا الملك في نهاية سفر الملوك (2 مل 23: 4 لـ20).
المؤرخ التثنوي بيوضح برضو ان مكان العبادة الواحد دا أصبح فيما بعد هو أورشليم، واستعمل نفس تعبيرات سفر التثنية عن ان هو دا المكان اللي هيسكن فيه اسم يهوَه، بالشكل دا المؤرخ التثنوي اعطى تأويل مُتفائل للتاريخ تم تحقيقه بشكل قوي وكامل في زمن يوشيا الملك، الملك الصالح اللي جعل من هيكل اورشليم مركز العبادة ودمر مشارف الالهة التانية والمعابد التانية خارج اورشليم ووصل الاصلاح بتاعه حتى المعابد في الشمال في اسرائيل (وبكدا يكون اعاد لكهنة شيلوه مركزهم)، واللي مشي بحسب شريعة موسى بكل قلبه وفكره وقدرته، كل الأفكار الرئيسية الموجودة في التأريخ التثنوي (الاخلاص ليهوَه ولأحكام التورآة في أحكام التثنية، ومركزية مكان العبادة، وتمسك يهوَه بعده مع داود) تم تحقيق كل عناصرها في زمن الملك يوشيا.
ولكن في النهاية تم قتل يوشيا الملك على ايد الملك المصري نخاو التاني، وبعديه بفترة مش طويلة تم تدمير مدينة اورشليم وحرق الهيكل وفُقدان تابوت العهد وانهارت مملكة يهوذا اللي المُفترض انها تفضل موجودة ويفضل في ملك عليها من نسل داود للأبد، التأريخ التثنوي المُتفائل اصبحت نظرته متناقضة مع الواقع بل وشكلها مُثير للشفقة والسخرية، وكانت النتيجة انه حد كتب تعديل على التأريخ التثنوي وحاول يلاقي تفسير للكارثة اللي حصلت، ومن هنا تمت كتابة الاصدار التثنوي الثاني (Dtr2).