تكوين التوراة – الفصل الرابع: يهوذا واسرائيل – مايكل لويس

Michael Louis
بعد انقسام مملكة داود وسُليمان للملكتين، مملكة اسرائيل في الشمال ومملكة يهوذا في الجنوب، كانت عاصمة مملكة الجنوب هي اورشليم، وكان هي اللي فيها المعبد والناس بتصلي فيها وبتقدم الذبائح، لكن بالنسبة لمملكة الشمال الموقف كان صعب، لإن بكون أورشليم مركز ديني للعبرانيين سواء من الشمال او الجنوب وبكونهم بيتشاركوا في نفس الدين، فدا معناه ان في ناس من شعب مملكة الشمال هتحتاج انها تروح لأورشليم على الأقل في الاعياد ويشوفوا رحبعام ملك يهوذا وهو قاعد على كُرسي المُلك عشان يقدموا الذبائح، ودا مكانش موقف سهل بالنسبة لياربعام ملك اسرائيل، في نفس الوقت مينفعش فجأة يقولهم يتخلوا عن الدين او يخترع دين جديد، لكنه يقدر انه يقدم نوع أو تأويل مُعين للدين اللي موجود اصلًا، مملكة اسرائيل فضلت بتعبد نفس إله مملكة يهوذا، لكنها كانت بتعبده في اماكن مختلفة غير اورشليم، بكهنة غير كهنة اورشليم ورموز غير رموز أورشليم.
الاماكن اللي استبدلت أورشليم هما مدينة دان (نسبة لسبط دان)، ودي كانت موجودة في أقصى شمال اسرائيل، وبيت إيل (Bethel) في أقصى جنوب اسرائيل، واللي موجودة على مسافة قليلة جدًا من شمال أورشليم، فاللي كان بيحصل ان اي حد هيتجه من اسرائيل للجنوب عشان يروح اورشليم، ممكن ببساطة يقف عند بيت إيل ويقدم الذبائح ويصلي.
ياربعام استبدل الشيروبيم اللي في اورشليم بعجول من الذهب (او الكلمة الادق هتكون ثور)، الشيروبيم كان محطوط حوالين تابوت العهد جوا المعبد في قدس الأقداس باعتباره عرش مُلك يهوَه، العجول كان في واحد محطوط في دان، وواحد تاني في بيت إيل، وبالتالي كان تصوير لإن عرش يهوَه مُحتوي كل مملكة اسرائيل (وزيهم زي الشيروبيم، مكانوش اصنام ولا كان بيتقدم ليهم العبادة)، وزي ما الشيروبيم كان تأثر بشكلٍ ما بالثور المُجنح في بابل، كان الثور (العجل) تأثر بإله الكنعانيين إيل (El)، اللي كان بيتم تصويره بثور.
بالنسبة للكهنة، في اورشليم كان في كاهن من يهوذا (صادوق) وكان في كاهن من اسرائيل من شيلوه (أبياتار)، واللي حصل ان سُليمان نفى أبياتار وطرده من أورشليم لإنه كان واقف في صف اخوه قبل ما سُليمان يبقى الملك، اللي حصل برضو، ان في وقت اختلاف رحبعام وياربعام، كان في كاهن ونبي من شيلوه برضو هو اللي دعم ياربعام ووقف في صفه، كان اسمه أحيّا، فكهنة شيلوه كانوا منبوذين من يهوذا بسبب اللي عمله سُليمان ورحبعام، وعلى عكس المُتوقع، ياربعام برضو مردش كرامة كهنة شيلوه، محدش فيهم كان بيخدم في بيت إيل، لكن اللي حصل ان ياربعام عيّن كهنة من عامة الشعب، مش من سبط لاوي حتّى، وخلاهم يخدموا في بيت إيل، وكنتيجة، كهنة شيلوه (اللي بيعتقد انهم من نسل موسى) مكانش ليهم برضو أي دور في التصور الديني لاسرائيل، وبُحكم ان سبط لاوي ملوش أرض زي بقية الأسباط، فكان كهنة شيلوه قدامهم حل من الاتنين، يا إما يروحوا يهوذا، اللي اتنبذوا فيها برضو قبل كدا، يا إما يفضلوا في اسرائيل ويحاولوا يتأقلموا ويعيشوا على قد ما يقدروا، ممكن على نفقة الأسباط التانية، بس مش ككهنة ليهم مركزهم، لكن بصورة أقرب بكونهم لاجئين.
المملكتين بعد اللإنقسام مفضلوش بنفس القوة، ادوم ثارت على يهوذا وانفصلت عنها، سوريا وفينيقيا كانوا انفصلوا عن اسرائيل في زمن سُليمان، وموآب انفصلت عن اسرائيل في زمن ياربعام، المملكتين بعد ما انفصلوا وبعد ما الشعوب السالف ذكرها استقلت عنهم أصبحوا صغيرين ونسبيًا ضُعاف ما بين شعبين من أقوى شعوب الأرض في الوقت دا؛ مصر من الغرب وآشور من الشرق.
المُلك في يهوذا كان مستقر جدًا مُقارنة باسرائيل، في اسرائيل مكانش في عيلة ملكية بتستمر لأكتر من كام جيل وبعدين تيجي عيلة تانية تحكم بدالها لحد ما انهارت مملكة اسرائيل قدام آشور، وأنهِت آشور مملكة وشعب اسرائيل، واللي اتبقى منهم قدر يهرب للجنوب لمملكة يهوذا، اللي كان الحكم فيها مُستقر، وتقريبًا فضلت نفس العيلة في الحُكم، واللي بيُعتقد انها بترجع لداود من سبط يهوذا، واستمرت مملكة يهوذا لأكتر من 100 سنة كمان بعد انهيار مملكة اسرائيل.
في فترة الـ200 سنة اللي مملكتين يهوذا واسرائيل عاشوا فيها جنب بعض في نفس الوقت، اتكتب التقليدين اليهوَي (J) والإيلوهيمي (E)، اللي المفروض نبدأ نتكلم عنهم (اخيرًا) المرة الجاية.