(7) لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَمًا عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَمًا بَلْ سَيْفًا (متى 10: 34)
–
خلينا نشوف النص ده في سياقه وهل ممكن يتبني عليه قراءات عنيفه ولا لأ. مبدئياً النصّ ده موجود في لوقا ومتى بصياغتين مُختلفين، مش موجود في مرقس ومش موجود في الإنجيل الرابع اللاحق يوحنا. خلينا نقرا الصياغتين وبعد كده نعلق عليهم عشان نفهم أهمية النقطه دي:
–
متى 10
32 فَكُلُّ مَنْ يَعْتَرِفُ بِي قُدَّامَ النَّاسِ أَعْتَرِفُ أَنَا أَيْضًا بِهِ قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ،
33 وَلكِنْ مَنْ يُنْكِرُني قُدَّامَ النَّاسِ أُنْكِرُهُ أَنَا أَيْضًا قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.
34 «لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَمًا عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَمًا بَلْ سَيْفًا.
35 فَإِنِّي جِئْتُ لأُفَرِّقَ الإِنْسَانَ ضِدَّ أَبِيهِ، وَالابْنَةَ ضِدَّ أُمِّهَا، وَالْكَنَّةَ ضِدَّ حَمَاتِهَا.
36 وَأَعْدَاءُ الإِنْسَانِ أَهْلُ بَيْتِهِ.
–
لوقا 12
49 «جِئْتُ لأُلْقِيَ نَارًا عَلَى الأَرْضِ، فَمَاذَا أُرِيدُ لَوِ اضْطَرَمَتْ؟
50 وَلِي صِبْغَةٌ أَصْطَبِغُهَا، وَكَيْفَ أَنْحَصِرُ حَتَّى تُكْمَلَ؟
51 أَتَظُنُّونَ أَنِّي جِئْتُ لأُعْطِيَ سَلاَمًا عَلَى الأَرْضِ؟ كَلاَّ، أَقُولُ لَكُمْ: بَلِ انْقِسَامًا.
52 لأَنَّهُ يَكُونُ مِنَ الآنَ خَمْسَةٌ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ مُنْقَسِمِينَ: ثَلاَثَةٌ عَلَى اثْنَيْنِ، وَاثْنَانِ عَلَى ثَلاَثَةٍ.
53 يَنْقَسِمُ الأَبُ عَلَى الابْنِ، وَالابْنُ عَلَى الأَبِ، وَالأُمُّ عَلَى الْبِنْتِ، وَالْبِنْتُ عَلَى الأُمِّ، وَالْحَمَاةُ عَلَى كَنَّتِهَا، وَالْكَنَّةُ عَلَى حَمَاتِهَا».
–
مبدئياً النصوص المُشتركه ما بين متى ولوقا ومش موجوده في مرقس بتتصنف Q، وهو مصدر أقدم من متى ولوقا إستخدمه متى ولوقا بالإضافه لمصدرهم التاني مرقس عشان يكتبو بشاراتهم، وبعض الدارسين أضاف مصدرين تانيين إسمهم M و L (بيتسمو بالألماني Sondergut أو Special Material وهي ماده خاصه بكل إنجيل من الإتنين وبيتفرد بيها). وفي قول مشابه موجود للوقا 12: 49 و 51 بردو في إنجيل توما [نص غير قانوني بالنسبه للكنيسه لكن بعض الدارسين شايفين إنه نص قديم وبيعكس مصدر مُستقل للأقوال عن الأناجيل القانونيه].
–
إنجيل توما 10
قال يسوع، ألقيت ناراً على الأرض، والآن إنظروا فإني أراقبها حتى تلتهب.
–
إنجيل توما 16
قال يسوع، يظُن الناس أني جئت للعالم لأفرض السلام. وهم لا يُدركون أني جئت لأفرض على الأرض الإنقسام، النار، السيف، الحرب. حقاً، يكون خمسة في البيت، يكون ثلاثة ضد إثنين، وإثنان ضد ثلاثة، الأب على إبنه، والإبن على أبيه …
–
طيب إيه قيمة مُلاحظة إن النص ده من مادة Q؟ (عشان تقرا مقدمه عن Q إقرا مقالي بعنوان المُشكله الإزائيه – هاتلاقيه في أول كومنت). الفكره هنا إن لو القول من مصدر أقدم ف بمقارنة متى ولوقا -وأي نصوص تانيه موازيه ومُستقله- ممكن توصل للصياغه الأقدم للقول واللي يُحتمل بنسبه أعلى إن يكون المسيح قالها.
–
إحنا كده قدام 3 إحتمالات، لفظة السيف أقدم (صياغة متى) لفظة الإنقسام أقدم (صياغة لوقا)، اللفظتين إتقالو (صياغة توما). خلينا نناقش الإحتمالات التلاته، الصياغه بتاعت لوقا واضح من السياق إن مقصود بيها إن كرازة المسيح هاتسبب إفتراق ونِزاع بين الناس، زي ما باين في 52 و 53 إن كل بيوت فيه ناس هاتؤمن وناس هاتكون ضدهم وهايكونو أعداء لبعض (دي متى قالها صراحة في 36). صياغة توما واضح منها النار والإنقسام اللي بيتكلم عنهم المسيح هم المُعاناه والمواجهه اللي هايقابلها المؤمنين، ويمكن صياغة توما هنا فيها interpolation أضافت عليها التفصيل اللي بعد كده “النار، السيف، الحرب”، لكن على كل حال إشتمال القول على تفسيره مؤشر مهم لسببين: والله لو إعتبرت إن صياغة توما قديمه ف بالضروره لازم هاتلتزم بإن القول من وقت مبكر جداً كان عن الإنقسام ومالوش علاقه بحمل السيف، ولو قولت إن القول مش مُبكر جداً وهاترجع صورته النهائيه لأول أو نص القرن التاني ف بردو هاتلتزم بإن المسيحيين من القرن التاني بيفهمو النص على إنه بيُشير للإنقسام اللي هايحصل بسبب الإيمان بالمسيح ومالوش أي علاقه بحمل السيف وإبتداء الحرب.
–
كده يتبقى نصّ متّى وهو اللي في بوضوح عبارة “مَا جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَمًا بَلْ سَيْفًا”. طبعاً واضح من السياق إن السيف هو السيف المُوجَّه للمؤمنين مش السيف اللي بيحمله المؤمنين ضد غير المؤمنين. ف عندك مثلاً في نفس الإصحاح الفقرات بيتكلم عن إنه هايرسلهم كحملان وسط ذئاب (16) وإن الأتباع هايُسلَّموا للمجامع والجلد والشهاده (17-19)، وبيتكلم إن أهلهم هم اللي هايسلموهم للموت وفي منهم اللي أبنائهم هايقتلوهم بسبب الإيمان (21) وإن المؤمنين هايُطردو من المدن (23) وهكذا. وبالتالي السياق كله مش عن إن المسيحي مطلوب منه يواجه بالعُنف ولكن عن المسيحي هايواجه عُنف بسبب إيمانه، ولأن الإيمان هو برسالة المسيح ف الرساله دي هي اللي جلبت عليهم العُنف والرفض والسيف.
–
رأي الأكاديميين في الموضوع إن الأرجح هو إن صياغة متى أقرب ل Q. ف مثلاً لو بصيت على كتاب Hermeneia: The Critical Edition of Q ل James Robison و Paul Hoffmann و John Kloppenborg (صفحة 380) هاتلاقيهم بيرجحو إن صياغة متى أقرب ل Q. نفس الكلام قاله Dale C. Allison في A Critical and Exegetical Commentary on the Gospel according to Saint Matthew الجُزء التاني صفحة 218 بيقول إن إستبدال لوقا لكلمة السيف بكلمة الإنقسام يبدو إنه لاحق على قراءة متى وإن قراءة متى هل الأقرب للقول اللي في Q.
–
خلاصة الموضوع: يبدو إن الصياغه اللي قالها المسيح -كما هي في صورة القول الأقدم في Q- هي “مَا جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَمًا بَلْ سَيْفًاً” مش “إنقساماً”، وباين من سياق متى إن مفيش أي أمر بحمل السيف، ولكنه نبوّه عن السيف اللي هايواجهه المؤمنين. لوقا أخد نفس القول من Q لكن صاغه بطريقه تانيه بكلمة الإنقسام أو الشقاق بدل السيف، وده معناه إن من القرن الأول الكنيسه مشافتش الكلام ده بمعنى “أنا جيت أدعو للسيف”، ولكن بمعنى “بسبب كرازتي هاتواجهو السيف”. في نفس الوقت أو في وقت مبكر بردو كان في جماعه تاني الإنجيل بتاعها بيشرح الصياغه اللي في Q بشكل متوسِّع أكتر وبيحط السيف في سياق الشقاق والإنقسام والحرب اللي هاتواجه بيوت المؤمنين.
–
وبالتالي لا سياق النص ولا لغته الداخليه فيهم دعوه للعُنف، ولا كتبة البشائر القانونيه ولا كتبة النصوص المُبكره اللي لم تُقنن صاغو النص بمعنى روح شيل سيف عشان الكرازة.
(8) “فليبع ثوبه ويشترِ سيفًا!”
واحد من النصوص اللي عادةً ما بتتطرق لها مناقشات العُنف هو لوقا 22: 36 اللي بيقول فيه المسيح “«لكِنِ الآنَ، مَنْ لَهُ كِيسٌ فَلْيَأْخُذْهُ وَمِزْوَدٌ كَذلِكَ. وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَلْيَبِعْ ثَوْبَهُ وَيَشْتَرِ سَيْفًا.” النص في سياق حوار ما بين المسيح والتلاميذ قال فيه بطرس إنه مُستعد للموت من أجل المسيح ف تنبأ المسيح بإنكار بطرس له ثلاث مرات. دي الفقرات من 33 ل 38.
33 فَقَالَ لَهُ: «يَا رَبُّ، إِنِّي مُسْتَعِدٌّ أَنْ أَمْضِيَ مَعَكَ حَتَّى إِلَى السِّجْنِ وَإِلَى الْمَوْتِ!»
34 فَقَالَ: «أَقُولُ لَكَ يَا بُطْرُسُ: لاَ يَصِيحُ الدِّيكُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ تُنْكِرَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ أَنَّكَ تَعْرِفُنِي».
35 ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «حِينَ أَرْسَلْتُكُمْ بِلاَ كِيسٍ وَلاَ مِزْوَدٍ وَلاَ أَحْذِيَةٍ، هَلْ أَعْوَزَكُمْ شَيْءٌ؟» فَقَالُوا: «لاَ».
36 فَقَالَ لَهُمْ: «لكِنِ الآنَ، مَنْ لَهُ كِيسٌ فَلْيَأْخُذْهُ وَمِزْوَدٌ كَذلِكَ. وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَلْيَبِعْ ثَوْبَهُ وَيَشْتَرِ سَيْفًا.
37 لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَتِمَّ فِيَّ أَيْضًا هذَا الْمَكْتُوبُ: وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ. لأَنَّ مَا هُوَ مِنْ جِهَتِي لَهُ انْقِضَاءٌ».
38 فَقَالُوا: «يَا رَبُّ، هُوَذَا هُنَا سَيْفَانِ». فَقَالَ لَهُمْ: «يَكْفِي!»
من الجدير بالذكر إن النص ده مش في مرقس (أول بشاره إتكتبت وواحد من مصادر لوقا) ومش في متى (وبالتالي مش من مادة إنجيل الأقوال Q)، يعني قَول تفرَّد به لوقا فقط، ودي نقطه تهم المُؤرِّخ جداً لما بييجي يقيِّم المصادِر التاريخيه.
لو بتحب المُحاولات الحداثيه في تقييم التاريخ ف يمكن يعجبك طرح The Jesus Seminar اللي قيِّم القول ده برقم 0 (على scale من صفر إلى 3) أو باللون الإسود -يعني بيرجَّحو إنه راجِع لكاتِب البشاره نفسه لأسباب بلاغية rhetorical -هاتكلم عنها دلوقتي- مش قول للمسيح نفسه. هاتلاقي تقييم القول في كتاب The Five Gospels: What did Jesus Really Say، ل Robert W. Funk ص390. السمينار علق على الجُزء ده بإن بعض الدارسين فسرو كلام المسيح هنا على إنه irony أو sarcasm، السبب الأساسي في ده إن وقت القبض على المسيح كان موقفه واضح جداً إنه مش عايز إستخدام للسيف، وفي نفس الإصحاح لما بطرس سحب سيفه وضرب أذن عبد رئيس الكهنه المسيح شفى العبد ومنع العُنف. وبالتالي المقصود هنا إن اليهود خارجين بعصي وسيوف وكأنهم خارجين يقابلو مجرم ف خلاص يا جماعه بيعو هدومكم وإشترو سيوف. في نقطه تانيه هنا، ما بين القول ده وما بين القبض على المسيح وقت ضيق جداً، الإتنين في نفس اليوم وقد يكون بينهم ساعات أو أقل، ف إزاي ممكن يتفهم إنه بيقولهم روحو فعلاً بيعو كل حاجه وإشترو سيوف؟ وإيه الهدف من السيوف أساساً لو مش هاتُستخدم في الحرب – زي ما هو نفسه شفى العبد ومنع العُنف.
طيب لو مش بتحب طرح The Jesus Seminar وشايفه مُتطرِّف، خلينا نشوف رأي scholars حاولو يفسرو القول بدون الإلتجاء لفكرة التاريخ والمصادر.
في التعليق على إنجيل لوقا ل Howard I. Marshall من سلسلة The New International Greek Testament Commentary بيقول Marshal إن النص بيعبر عن حالة الذهن أكتر منه بيعبر عن الآداه (ص824). نفس الفكره بيقوله Joseph Fitzmeyer في Anchor Yale Bible Commentary ص1432، الكلام يُفهم هنا على المجاز، إن اللي هايمشي طريق المسيح لازم يكون مُستعد، وبيقول إن حتى لو مربطناش القول ده بنفس ال metaphor اللي في أفسس 6: 11-17 (الْبَسُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تَثْبُتُوا ضِدَّ مَكَايِدِ إِبْلِيسَ) ف رد فعل المسيح في لوقا 22: 38 “هذا يكفي!” باين منه رفضه لفهمهم الحرفي لكلامه لما قالوله معانا سيفين. ونقطة إن “هذا يكفي!” مقصود بيها إنتهار المسيح للفهم الحرفي للتلاميذ يتفق عليها Marshal و Fitzmeyer و Swellengrebel (ص699 كتاب A Handbook on the Gospel of Luke) في تعليقهم.
بيضيف John Nolland نقطه تانيه لطيفه وهي إن الكلام عن السيف مع الكيس والمزود والثوب هو في إطار الأدوات الأساسيه اللي بيحتاجها أي حد مسافر، وبالتالي ال emphasis مش على السيف نفسه كآداة عُنف ولكن المعنى العام هو إستعد بأدواتك لأن في مرحله جديده هاتيجي مفيهاش هدوء أو سلام، وبيضيف كمان إن بالتأكيد المقصود مش سيف للدفاع عن المسيح في موقف القبض عليه بدليل رد فعل المسيح نفسه لما قالهم يوقفو الكلام عن السيوف بعبارة “هذا يكفي!” (ص1076 في كتابWord Biblical Commentary).
على كل الأحوال، لو بصيت للنص كمؤرخ ف النص مش مدعوم بدليل تاريخي كبير – مفيش غير لوقا. ولو بصيت للنص من الناحيه الأدبيه ف لا السياق ولا محتوى العباره نفسها يوحي بإن المسيح كان بيقول لتلاميذه يشيلو السلاح، والدليل التاريخي الأهم في الحته دي إن الرومان مهتموش يطاردو تلاميذ المسيح بعد موته، وده دليل في رأيي أهم من كل اللي فات، لو كانت الجماعه دي جماعة عُنف وعندها توجُه لحمل السلاح مكانش الرومان هايكتفو بالقبض على قائد الحركه بس، كان بالأولى هايقتلو هو وأتباعه اللي ممكن يثورو ويعملو أي تصرف عنيف إنتقاما ليه.
مقال روعة يا جون كالعادة ملئ بالكثير من الأفكار والتفنيد
في جزء عايز اعلق عليه هو موضوع قلب موائد الصيارفة أنا ليا وجهة نظر توافقية شوية مع الطرح اللي بيقول ان حصل بس بمقياس صغير لا يستدعى الانتباه، ان دا سوق بيحصل فيه كتير الكلام دا كل شوية المكان مش هادي علشان التصرف يكون ملفت للجميع . وفي نقطة غريبه اشمعنى هنا محدش من التلاميذ مثلا انتهر او قام بفعل حتى اي فعل للصيارفه . ودا بعكس اللي حصل يوم القبض على المسيح وان نفس التلميذ اللي حاول الاعتداء والقيام بعنف قام بعدها بساعات بنكران المسيح .
التأويلات النصية دي مش هتخلص ليه لانها بتبدي من نقطة النهاية وترجع للبداية يعني لو عايز تفسير نص لاي حاجة عادي ممكن جدا توصل ليها بنفس النصوص من سلام إلى حرب
ميرسي جداً يا فادي
وارد يكون الحدث حصل على نطاق صغير، ممكن يكون محصلش بالصوره دي
البعض قال إن القبض عليه كان بسبب شغب حصل في الهيكل
كلها محاولات للفهم وبالرغم إنها مش بتبين شيء نهائي وأكيد بس بتبين جوانب من الظاهره وبتساعد على توضيح الصوره أكتر
جون