|

أسطورة ١٦ فرقة مسيحيَّة أنكرت الصَّلب في القرن الأول

John Edward

MA in Applied Linguistics and TESOL, Portsmouth University, United Kingdom. His current research areas are Critical Discourse Analysis, Gender Relations, Religious Literature, and Hermeneutics

فهرس المقال:

1-إنجيل برنابا
2- إنجيل يهوذا
3- رؤيا بطرس
4- أعمال يوحنَّا
تعليقات على سلسلة “أقوال المؤرخين” حتى الجُزء 11 و “فِرَق أنكرت الصَّلب” حتى الجُزء 4
5- العِظة الثانية لشيث العظيم
6- رسالة بطرس إلى فيلبس
7- بازيليدس السَّكندري
8- مارسيون السينوبي
9- الأبيونيين والنازوريم


في أسطوره مُنتشره وبيرددها ناس كتير من ضمنهم بعض الأسماء المعروفه، وهي إن في 16 فرقه مسيحيه أنكرت صَلب المسيح وبيرجع تاريخها للقرن الأول. وبالرَّغم من إنتشار الإدعاء ده إلا إنه بيرجع لإستخدامهم كلهم أو أغلبهم لمصدر مُعيَّن بدون مُراجعه. في السلسله دي هاناقش الإدعاء ده وهاقدم خلفيه بسيطه عن كل نصّ من دول من ناحية آراء المُتخصصين في المسيحيَّه المُبكِّره وقيمة مُحتوى النصّ من ناحية ما إذا كانت أخبار النصّ بترجَع لسياق زمني وجغرافي قريب من حدث الصَّلب ولا لأ، وهانشوف إذا كانت المصادِر دي يُمكن تأريخها أو تأريخ مُحتواها لوقت قديم زي المصادِر اللي بتنقل خبر الصَّلب ولا لأ. السلسله دي هاتكون الجُزء التّاني اللي بيكمَّل سلسلة “أقوال المؤرخين في صلب المسيح”، في السلسله الأولى بنشوف أدلَّة خبر الصَّلب، وفي السلسله التّانيه هانشوف نَقد للمصادِر اللي بتنقل خَبَر غير الصَّلب.

عشان البحث يكون مُنظَّم أكتر إختارت إني أشوف المصدَر (مش المرجِع) اللي النَّاس بتنقل منّه. وإختارت تعبير مصدر مش مَرجِع لأنه مش مُحتوى أكاديمي، ولكن حاله كحال المنشور في المنطقه العربيه عن المسيحيّه شوية قصقصه من الكتب مفيهاش تدقيق ولا أمانه في البحث، بس النّاس ما بتصدق تلاقي حاجه تدعم قناعاتهم وبينقلوها بدون مُراجعه. مبدئياً بالرّغم من إن الناس بتردد موضوع ال 16 فرقه ده، ف المصدَر اللي بينقلو منه بيسرد 14 بس، وعامة بعد ما نخلص ال 14 لو لقيت تاني هانتسلى فيهم مفيش مشكله.

خلينا الأول نتكلم في شوية بديدهات. وجود أخبار بتنفي الصَّلب يتطلَّب إنك تقدر تثبت إن الأخبار دي بترجع للقرن الأول لزمن ومكان الحدث، في سلسلة أقوال المؤرخين في صلب المسيح شوفنا مصادِر قديمه بترجع للتلاتينات والخمسينات والستينات والسبعينات والتسعينات، شوفنا مصادِر مسيحيه وشوفنا مصادِر في كتابات مؤرخين زي يوسيفوس وتاسيتوس. اللي نقدر نستنتجه من تعدد المصادِر وإنتشارها في مناطق جغرافيه كتير في القرن الأول هو إن الخَبَر ده معروف ومالوش مُعارضات من داخل المسيحيه ولا من خارجها. عشان تنقُد حجم الدّليل ده محتاج تجيب أدله بنفس القِدَم وبنفس الإنتشار وبنفس القيمه التاريخيّه. يعني مينفعش تقولي إنك عايز تاخد بخبَر في نصّ بعد الحدث بكذا قرن وفي منطقه جغرافيّه تانيه لمُجرَّد إنه بيدعم تصوُّرَك، لازم توريني ليه تاريخياً المصدَر ده له قيمه، وبما إنك غير مُتخصِّص في المجال ده لازم توريني من المُتخصصين اللي وصلو لإستنتاجاتك، مش كفايه إنك تقصقص من كتب “غير متخصصه” في المسيحيه المُبكِّره.


1- إنجيل برنابا

النصّ الأوَّل اللي بيتناقش هو إنجيل برنابا، والنصّ ده بيقول بوضوح إن يهوذا إتصلب بدل المسيح بعد ما الملائكه أخدت يسوع بعيد وسقط شبهه على يهوذا. والحقيقه وجود الكتاب ده في المصدَر اللي الناس بتنقل منه كان مُثير للدّهشه. هاقولك الإدعاء ماشي إزاي. المصدَر ده (اللي بفكرك إنه مش مرجِع أكاديمي ولكن كاتبه واحد وراميه pdf على النت) بيقول إن إنجيل برنابا موجود في مخطوطات إيطاليه (المخطوط المُعنون Codex 2662 في المكتبة السويسرية العامة في فيينا Oesterreichische Nationalbibliothek) ومخطوطه إسبانيه مُترجمه عن الإيطاليه (بس مبيقولش إن تاريخ النص الإيطالي للقرن 16 والإسباني للقرن 18 عشان مش في مصلحته) وركِّز في الجُمله اللي جايه دي، بيقول إن المخطوطات دي منسوخه عن نسخ قديمة كانت موجوده منذ فجر التَّاريخ المسيحي. طبعاً الإدعاءات اللي ببلاش دي بتترمي عادي كده من غير مصادِر ولا حاجه. بالجدعنه والحُب نقول إن نصّ منحول من القرن ال 16 بيرجع لمخطوطات من فجر المسيحيَّه. عشان كده بقولك خطَر جداً إنك تاخُد الكلام لمُجرَّد إنه بيتوافق مع الأفكار اللي إنت مُتبنيها.

عشان يثبت كلامه، بيروح ينقل من كتاب “إنجيل برنابا: ترجمة، دراسة، تحليل” لبولس الفغالي. ف تعالي نشوف بولس الفغالي بيقول إيه عن النصّ ده مدام فلان إرتضاه كمصدر ينقل منه. في المُقدمه، بيقول بولس الفغالي إن الكتاب ده “روايه” بترجع للقرون الوسطى، وكاتبها بيتكلم عن اليوبيل المسيحي اللي بدأ الإحتفال بيه في وقت البابا بونيفاس الثامن في 22 شباط سنة 1300. يعني من البديهي إن النصّ ده مينفعش يتأرَّخ قبل القرن ال 14. ومش كده وبس، ده بيستخدم فقرات من كتابات دانتي أليجري اللي مات سنة 1321 (في مُقدمة كتاب الفغالي بردو)، يعني كاتبه إيطالي بيكتب بعد القرن 14. معرفة الكاتب للنصوص الكتابيه جت من الترجمه اللاتينيه الشعبيه Vulgate، اللي ترجمها القديس جيروم. وبالتّالي نقدر نحدد السِّياق أكتر، الكاتب كاثوليكي بيعرف لاتيني، على درايه بالأدب الإيطالي. بيختم الفغالي مُقدِّمته وبيقول إن “إنجيل برنابا كذبة كبيرة”. يعني اللي فتح الكتاب وقصقص من صفحة 400 نسي يقرا المُقدِّمه ويشوف تاريخ النصّ اللي بيقصقص منّه، أو قراها وعارف الكلام ده كويس بس كون الكلام على هوه بقا نصّ قديم بيرجع لـ “فجر التاريخ المسيحي”! ده مثال يوريك ليه مش من الصحّ إنك تقرا كتب خارج الدايره الأكاديميه سواء من المسيحيين أو غيرهم. برا الأكاديميا الجَهل سهل والكدب سهل والإدعاءات سهله لأن محدش بيراجع وراك. كل اللي الإدعاء محتاجه عشان ينتشر هو ناس تتفق معاه ويخدم أغراضهم. طيب أنا شخصياً مبعتبرش الفغالي مرجِع. ف هاجيبلك آراء المُتخصصين عشان نشوف الناس دي بتقول إيه.

خلينا نبدأ مع ورقه بحثيَّه بتدرس أطروحة ظريفه جداً، الورقه دي نشرها Jan Joosten سنة 2002 في دورية الدراسات اللاهوتيَّه بجامعة هارفارد، والورقه بعنوان The “Gospel of Barnabas” and the Diatessaron. أطروحة Jan Joosten هنا هي إنجيل برنابا كان بيقتبس بعض النصوص من الإنجيل الرُّباعي أو الدياتيسارون اللي عمله تاتيان في القَرن التَّاني وتُرجِّم لعِدِّة لغات بعد كده وفضل مُستخدم لفتره طويله في الأوساط المسيحيَّه. قبل ما يدخل Jan Joosten في أطروحته بيدي مقدمه عن النصّ، وبيقول في المُقدِّمه إن في خلاف حوالين تأريخ النصّ وبيدي reference لمقال بعنوان The ‘Gospel of Barnabas’ in Recent Research ل Jan Slomp. خلينا الأول في ورقة Joosten وبعد كده نشوف Slomp قال إيه. بعد ما ذكر Joosten نقطة الخلافي في تأريخ النصّ وحط range واسِع جداً من ال Antiquity للقرن ال 16 (بس بيذكر في ص74 إن التأريخ المُبكِّر لا يستند لأدلَّه مُقنعه) بيبتدي يحدِّد أكتر الفتره اللي إتكتب فيها النصّ، وكمان بيحدد بعض التفاصيل عن هويِّة الكاتب.

بيقول Joosten إن في أطروحه تبناها 3 باحثين إسمهم Emilio Garcia Gomez و Mikel de Epalza وLuis F. Bernabe Pons بترجَّح إن مؤلِّف النصّ واحد إسمه Morisco عاش حوالي سنة 1600، يعني في بداية القرن ال 17، وبيقول إن الفرضيَّه دي بدأت تنتشر وتلقى إقبال وسط الباحثين. وفي ال footnotes بيعرض رأي باحث تاني إسمه Gerard Albert Wiegers اللي عرض في ورقه بحثيه نشرها سنة 1995 إن كاتِب إنجيل برنابا كان كاثوليكي سابق وإعتنق الإسلام وبناءاً عليه كتب إنجيل بيعكِس الرؤيه الإسلاميَّه في سياق من الإقتباسات الكتابيّه المسيحيَّه. بيكمِّل بعد كده Joosten وبيقول رأيه في إقتباسات إنجيل برنابا من دانتي أليجري زي ما قرينا في الجُزء اللي قاله الفغالي في المُقدِّمه، وبيحدِّد إن الإقتباسات من Inferno لدانتي وإنها بالتَّحديد من الإيطاليَّه القديمه مش من الترجمه الإسبانيَّه لأعمال دانتي. وكمان بيتكلم عن الفصول 82 و 83 من اليوبيل المئوي Centennial Jubilee، وبيقول إن الإشارات دي مع إشارات دانتي بترجَّح إن النص بيرجع للقرن 14م، وبشكل أكثر دقّه وبناءاً على الإقتباس من الفصول سابقة الذِّكر بيقول إن إنجيل برنابا إتكتب ما بين سنة 1300م و 1350م. يعني الكلام عن أصول مُبكِّره للنصّ وإنه بيرجع لـ “فجر التَّاريخ المسيحي” هو مُجرَّد كلام فارغ.في ورقه بعنوان The Gospel of Barnabas and the Samaritans بيرجَّع John Bowman تاريخ النصّ لما بين سنة 1300 و 1340 بناءاً على معرفة باليوبيل المئوي، ص30-31، وبيقدِّم حُجَّه بيشوفها Slomp أقرب للخيال منها للواقع بيقول فيها إن كاتب النصّ ذو خلفيَّه سامريَّه وإعتنق الإسلام وبيعرض Bowman عِدِّة أسباب ليها علاقه بالسياق الديني والثقافي للكاتِب. في مُشكله كمان في تأريخ القرن ال 14 إن سنة 1590 و 1600 تم إعلانهم بردو سنوات يوبيل، يعني مش بالضَّروره نصّ إنجيل برنابا يرجَع للقرن الـ 14 اللي تم إعلان أول يوبيل فيهم، لكن ممكن كمان يقرب من فترة Morisco لو كانت معرفته باليوبيلات جايه من السنوات 1590 و 1600، وده نقد بيقدِّمه Slomp لأطروحة John Bowman و Joosten.

طيب هاتقولي ما يمكن ده رأي باحث واحد، تعالى نشوف Jan Slomp. في ورقته بعنوانThe ‘Gospel of Barnabas’ in Recent Research بيقول Slomp في المُقدِّمه إن “إنجيل برنابا هو نصّ منحول على كُل التَّعريفات”، وبيقول في نفس الصَّفحه إن النُسخه النقديه اللي أصدرها Londsdale و Laura Ragg سنة 1902 لإنجيل برنابا أثبتت إنه منحول لدرجة إن كتابهم كان ضربه قاتله لإهتمام الأكاديميا بالبحث في النصّ ده. وده نفس الكلام اللي بيقوله David Sox في كتاب The Gospel of Barnabas وبيضيف عليه في ص31 إن مع بداية القرن العشرين كان الموضوع مُنتهي في الأكاديميا: “إنجيل برنابا مُزيَّف، بلا أي قيمة”. الكتاب بتاع Sox ماسك تاريخ الإهتمام بالنصّ ده وسبب إنتشاره في الشرق الأوسط والهند بالرَّغم من كونه بلا قيمه تاريخيَّه في الأكاديميا الغربيَّه وبالنِّسبه للمؤرخين. الموضوع ببساطه هو إن الكتاب بيقدِّم تصوُّر يتَّفِق مع القناعات الدينيَّه عن النَّاس ف هاننشره بإعتباره نصّ رسمي وأصيل وقديم بغض النَظَر عن صِحِّة الإدعاء وآراء المُتخصصين في الموضوع اللي من الواضِع بالنِّسبالهم إن النصّ فيه إشارات مُتعدِّده لأفكار أبيونيَّه وغنوسيَّه وكوكتيل من الأفكار الكاثوليكيَّه والأدب الإيطالي زي دانتي أليجري مثلاً. ف النصّ كله على بعضه نصّ مُزوَّر من القرون الوُسطى ويوم ما نرجَّعه لتاريخ مُبكِّر هايكون القرن ال 14 وإنتشر بكونه جُزء من حُجَجَ الطائفه الأحمديَّه القاديانيَّه في باكستان اللي بيتبعو ميرزا غلام أحمد القادياني اللي إدَّعى إنه المسيح.

في مقدمة كتاب The Gospel of Barnabas لـ Londsdale و Laura Ragg وتحديداً في الفصل التالت بعنوان The Question of the Lost Gnostic Gospel بيناقشو علاقة النصّ ده بقائمة نصوص أبوكريفيَّه منسوبه للبابا جيلاسيوس (Gelasius) في وثيقه بعنوان The Decretum Gelasii ومن ضمن النصوص المذكوره إنجيل برنابا الغنوسي وبيطرحو إحتمالية إن الكاتب بتاع إنجيل برنابا الإيطالي وصله شيء من إنجيل المنحول وإقتبس منه بعض الأفكار وإن كانو بيقولو في الآخر إنهم هايسيبو الموضوع لمن هم أكفأ منهم في المنطقه دي، بيعلَّق John Bowman على كتاب Londsdale و Ragg وبيشرح فكرتهم أكتر وبيقول إنهم بينفو تماماً علاقة إنجيل برنابا بتاع القرن ال 16 بالإنجيل اللي موجود ضمن قائمة جيلاسيوس، لكنهم بيقولو ممكن يكون في تأثير من إنجيل منحول. وهنا نرجع تاني لإدعاء عمله الشخص اللي كان بيستدل بإنجيل برنابا، وهو إن بما إن جيلاسيوس أعلن رفضه لمجموعة نصوص من ضمنهم إنجيل إسمه إنجيل برنابا، إذاً إنجيل برنابا الإيطالي كان معروف في القرن الخامس وهوب فجأه يستنتج من ده إنه معروف منذ “فجر تاريخ المسيحية”. طب هل المفروض إننا تلقائياً نفترض إن إنجيل برنابا الغنوسي المفقود هو بالضَّروره إنجيل برنابا اللي ظهر في القرن ال 16 ولو طلعنا جدعان معاه هانرجَّعه للقرن ال 14 وقت دانتي ووقت الإعلان عن اليوبيل؟ بالتأكيد لأ، النصّ ده في صورته النهائيَّه هو نصّ من القرون الوُسطى ومُنتج إيطالي. طب لو عايز تفترض إنه مبني جُزئياً على نصّ أقدم من القرن السادس مثلاً (لأن Londsdale و Ragg بيقولو إن الوثيقه دي إتكتبت بعد البابا جيلاسيوس بحوالي قرن، في ص45) يبقا محتاج تجيب أدله تدعم الإفتراض ده. كون إن النصِّين لهم نفس الإسم ده لا يعني إنهم نفس النصّ. النصّ الغنوسي بتاع القرن الخامس اللي بتتكلم عليه وثيقة جيلاسيوس مفقود، طب عايز تدَّعي إن النصّ الإيطالي بتاع القرن ال 16 ولا ال 14 هو هو نفس النصّ بتاع القرن الخامس بناءاً على إيه؟ نضرب الودع يعني؟! طب يا سيدي لو فرضنا إنه مبني على نصّ غنوسي من القرن الرَّابع ولا الخَامس، إيه قيمة ده؟ نصّ بعيد عن الحدث بأربع قرون أو أربع قرون ونصّ، عايز تستدل بيه على إيه وهو مفقود ولا تعرف تعمله reconstruction (زي ما هانشوف في إنجيل مارسيون لما نجيله) ولا تعرف مُحتواه ولا تعرف أنهي فقرات إستخدمها منه النصّ الإيطالي ولا حتى تعرف ترجَّع المعلومات والأخبار اللي فيه للقرن الأوّل!

خُلاصة الكلام، اللي بيعمل إحتجاج زي ده مش مُنصف تجاه البحث التّاريخي، مينفعش تدعم كلامك بنص من القرن ال 14 أو ال 16 وتحاول مُحاولات مُستميته إنك تربطه بنص مفقود (وحتى متعرفش مُحتواه بإقتباسات ولا تلميح!) من القرن الخامس عشان تقفز قفزه طولها 450 سنه وتقول إن واحد بعد كذا قرن عرف معلومه أخطأ فيها اللي كتبو على مدار القرن الأول كله تبقا جي تهرَّج. يعني لا هاتعرف تثبت إن معلومات كاتب القرن ال 14 أو ال 16 بترجع للقرن الأول، ولا هاتعرف تربط النصّ ده بالنص الغنوسي المفقود في القرن الخامس، وبالرَّغم من كده بتتجرأ وتعتبر ده دليل، ومش بس دليل، ده دليل الأول كمان! أمال في الباقي هاتعمل إيه؟!


2- إنجيل يهوذا

الإنجيل التاني اللي بيُدَّعى إنه بينكر الصَّلب هو إنجيل يهوذا، ولأن الإستدلال بالنصّ ده لا يُحقِّق مطلوب المُعترض أصلاً لأن المُعترض مقراش النصّ ف هانتكلم عن النقط اللي أثارها بشكل سريع وبعد كده نستغل باقي ال post في طرح معلومات تعريفيَّه بالنصّ وبمُحتواه. مبدئياً صاحِب الإدعاء بيقتبس فقره من إنجيل يهوذا بيدِّعي إنها بتقول إن المسيح مش هو المصلوب، الفقره دي بتقول “You will do more than all of them. For the man which clothes me, you will sacrifice him”، ترجمة الجُزء ده بيقول فيها المسيح ليهوذا “أنت سَتعمَل أكثر منهم، لأن الرَّجُل الذي ألبسَهُ أنت سَتُضحِّي بهِ”. وبما إنه إستدل بالجُزء ده ف ده معناه إنه مقراش النصّ وحتّى محاولش يوصَل للجُزء الأخير عشان يشوف مين اللي إتصلب. تعالى نروح لكتاب The Gospel of Judas لـ David Brakke ومن إصدار جامعة Yale. في ص13 بيقول “كلاً من بازيليدس ويهوذا يُعلِّمان −وإن كان بطُرُقٍ مُختلفة− أن الحضور الإلهي أو ماهية يسوع لَم تتألَّم ولم تموت على الصَّليب. بحسبِ بازيليدس، كان المصلوب شخصاً آخَر، بديل، سمعان القيرواني (كما جاء في ضِدّ الهرطقات لإيرينيوس 1: 24: 4)، ولكن في يهوذا “الإنسان الذي يحمل يسوع” عُذِّبَ وضُحِيَ بهِ، ولكن يسوع الإلهي لم يتأثَّر”. يعني مبدئياً إنجيل يهوذا مش بيقول نفس اللي بيقوله إنجيل بازيليدس. إنجيل يهوذا مفيهوش بديل، مفيهوش حد إتصلب بدل يسوع. وفي ص221-222 بيقول نفس الفكره تاني، بيقول إن اللاهوت في اللي يهوذا شبه فكرة الطبيعتين، طبيعه إنسانيَّه وطبيعه لاهوتيَّه، وبيقول “هذا الإنجيل لا يُعلِّم بفكرة تبديل المصلوب، أيّ أن شخصاً آخَر تألَّم بدلاً من يسوع، سواء كان هذا البديل هو سمعان القيرواني كما عَلَّم بازيليدس أو شخصاً آخَر كما في الخِطاب الثَّاني لسيث العظيم (كما في الفقرات 55: 9 − 56: 20). الإنسان الذي يُعذَّب ويُضحَّى به لا يستبدِل يسوع، إنه الإنسان الحامِل ليسوع، الذي سارَ به يسوع على الأرض … يوجَد يسوع إنساني ويسوع إلهي، الإنساني يحمِل الإلهي، والإنساني مُعرَّض للآلام وأمَّا الإلهي فلا”.

في مقال لـ Mervin Meyer في كتاب لـ Madeleine Scopello بعنوان The Gospel of Judas in Context: Proceedings of the First International Conference on the Gospel of Judas، بيعلَّق Meyer في ص51-52 على الفقره اللي إقتبسها الأخ ف بيقول إن لو يهوذا هايسلِّم “الإنسان الذي يحمِل يسوع” ف ده معناه إن يهوذا هايسلِّم الجَسَد المائت اللي عاش فيه شخص يسوع الرُّوحاني، بحيث يُصلَب الإنسان ولكن الإنسان الدَّاخلي الحقيقي هايتحرَّر. وفي آخر الفقره بيقول Meyer إن التضحيه بالجَسَد الإنساني ليسوع لا تحمِل أي قيمه خلاصيَّه ولكنها بتكون تسليم من يسوع لجسده المادِّي اللي كان بيستخدمه أثناء وجوده على الأرض. نفس الكلام في كتاب Lance Jenott بعنوان The Gospel of Judas ص11، بيقول إن لاهوت إنجيل يهوذا مش لاهوت دوسيتي ولكن لاهوت فيه طبيعتين، بحيث إن الطبيعه الإنسانيَّه فقط هي اللي بتتألَّم والطبيعه الإلهيه بتنجو.

تعالو نشوف الفقرات دي في إنجيل يهوذا بتقول إيه: “56: 8 الحقّ <أقول> لك أن يَد إنسان مائت لن < … > عليّ. 56: 12 الحقّ <أ>قول لك يا يهوذا أما هؤلاء الذين يُقرِّبون لساكلاس فسوف <يفنون> لأن الـ < … > على الـ < … > كل شيء <شرير>. 56: 18 وأمَّا بالنسبة لَك، أنت ستفوقهم جميعاً، 56: 20 لأنَّك ستُضحِّي بالإنسان الذي يحملني”. الجُزء ده من إعادة بناء النصّ اللي بيقدِّمها David Brakke في كتابه سابق الذكر في ص216، الجُزء اللي في 56: 8 بعض الدَّارسين بيرجَّحو إن تكملته “يَد إنسان مائت لن تمَسَّني”، وتكملة النصّ بتقول بشكل واضِح فكرة التضحية بالإنسان الحامِل ليسوع اللي ناقشها Brakke و Meyer في الفقرات اللي فاتت. وكمان في ورقه بحثيَّه إتنشرت سنة 2008 بعنوان The Gospel of Judas: Its Polemic, Exegesis, and its Place in the Church History بيقول Frank Williams في ص397 إن نصوص زي إنجيل يهوذا ورؤيا بطرس الإتنين بيفترضو إن دمار الجَسَد المادِّي ليسوع كان تحرير لـ “يسوع الحقيقي”، وإعتماداً على الفقرات 56: 17 و 57: 14 من إنجيل يهوذا بيقول Williams إن لاهوت النصّ بيشوف إن التَّضحيه بجسد يسوع المادِّي هاتؤدي لتمجيد “الجيل العظيم المولود من آدم”. زي ما شوفنا، مفيش شبيه ولا أي حاجه من الكلام ده في إنجيل يهوذا.

خلينا بقا نتكلِّم شويَّه عن النصّ ده وونناقش كام فكره هانرجعلهم تاني قدام لما نتكلِّم عن بازيليدس ورؤيا بطرس وغيرهم. أول حاجه من المُهم نناقشها هي فكرة الجدعنه اللي إتكلمت عنها في الفقرات اللي فاتت عن إنجيل برنابا. مينفعش تكون بتتكلم في موضوع بحثي ف تحُط تأريخ من عندك كده بالحُب. يعني الأخ سابِق الذِّكر عشان يبرَّر إستخدامه لإنجيل يهوذا اللي هو مقراش عنه حاجه بيقول عن مخطوطات يهوذا بترجع للقرن الثالث والرَّابِع وانها “منسوخة عن مخطوطات يوناني أقدم منها أي أنها ربما تعود للقرن الأول الميلادي تتزامن مع أقدم مخطوطات العهد الجديد المُعترف بها”. الغريب إن الجُمله دي مفيهاش حاجه صح، يعني فكرة إن النصّ بيرجع للقرن الأوَّل دي جدعنه، وفكرة إن في مخطوطات للعهد الجديد بترجع للقرن الأوّل دي فيها جهل مدقع، وحتى تأريخ النصّ اللي هو عايز يستخدمه غلط. بس معلش، حلو إننا نتكلِّم في الأمثله دي عشان تشوفو إن ما يُسمَّى ب “مقارنة الأديان” هي مُجرَّد فنكوش النَّاس بتاكل بيه عيش من كل الأطراف.

مبدئياً إنجيل توما بيتأرَّخ للقرن التَّاني، تقدر تراجِع مقدمة كتاب Scopello صxii، وكتاب Brakke صxii بردو، وكتاب Jenott ص1، وكتاب Simone Gathercole بعنوان The Gospel of Judas، من إصدار جامعة أكسفورد سنة 2007، ص148. مفيش أي حد رجَّع النصّ للقرن الأوَّل، والسَّبب بسيط، إن كاتِب إنجيل توما متأثَّر بإسلوب الأناجيل الأربعه اللي يتَّفِق جميع الدَّارسين على إنهم إتكتبو في القرن الأوَّل. في نفس الكتاب بيخصص Gathercole الصفحات من 134 إلى 138 لمناقشة تأثُّر إنجيل يهوذا بإنجيل متَّى، وبيضرب أمثله بفقرات زي متَّى 21: 46 اللي مُقتبسه في يهوذا 58، وحاجه كمان هي طريقة كتابة لقب يهوذا “الإسخريوطي”، اللقب في مرقس دايماً بيتكتب Iskarioth لكن في متَّى بيتكتب Iskariotes، ودي الطريقه اللي بيكتب بيها كاتب إنجيل يهوذا لقب الإسخريوطي، وكمان تعبير الإحتفال بالفِصح هو نفس التعبير اللي بيستخدمه متَّى 26: 18. وبيسرِد تقاطعات تانيه مع لغة كاتِب إنجيل متَّى تحديداً زي تعبير “السير في طريق البِرّ/الحَقّ” اللي في متَّى 21: 32. وفي منتصف الإنجيل في فقره تانيه بتبين إن كاتب إنجيل يهوذا يعرف إنجيل متَّى وتحديداً متَّى 11: 11 “الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ بَيْنَ مَنْ وَلَدَتْهُمْ النِّسَاءُ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ. وَلَكِنَّ الأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ أَعْظَمُ مِنْهُ!”، ليها مُقابل في إنجيل يهوذا 37 وإن كان مش مُتشابه في الفكره نفسها لكنه بيعكس نفس إستخدام متَّى للعبارات والكلمات (في كتاب Gathercole ص136-137).

موضوع إعتماد إنجيل يهوذا على الأناجيل القانونيَّه الأربعه بردو لاحظه James M. Robinson وناقشه في ورقه بعنوان The Sources of the Gospel of Judas، هاتلاقيها في ص59 من كتاب Madeleine Scopello. بيقول Robinson إن في نقط كاتب يهوذا عرفها من محتوى الأناجيل المنقول بشكل شفاهي، لكن في أجزاء تانيه بتعكس معرفته بنصّ إنجيل لوقا والأعمال، ص60. بيعلَّق هنا على نفس الفقره اللي ناقشها Gathercole وكان شايف إن فيها تأثُّر بمتى 21: 46، بس Robinson شايف إن التأثُّر هنا بلوقا لأن لوقا 20: 19 فقط هو اللي بيربط القبض على يسوع بالكتبه زي ما بيعمل إنجيل يهوذا وبربط عدم نجاحهم في القبض عليه بإنهم كانو “خايفين من الناس”، وبيكمل بعد كده وبيعرض عدد كبير من التقاطعات بين مواقف في يهوذا ومواقف في الأناجيل الإزائيه، بس من ضمن الأمثله الظريفه مثل الزَّارِع، اللي لما بيستخدمه إنجيل يهوذا بيذكره بنفس صيغة لوقا 8: 6، لما بيقول إن البذور وقعت على “الصخر” مش على “أرض صخرية” أو “أماكن محجرة” زي مرقس ومتَّى. ونفس الرأي تبنَّاه Stanley Porter و Gordon Heath في كتاب The Lost Gospel of Judas: Separating Fact from Fiction، وقالو إن إنجيل يهوذا مُعتمد على الأناجيل القانونيَّه.

نقط ختاميَّه، بفكرك إن الوَضع عندنا في دراسة الأديان وضع مُزري، وبالتَّالي إنت المسئول عن البحث عن المعرفه، ولما تعوز تدوَّر على المعلومه روح دوَّر في كتب أكاديميَّه، حتَّى لو عندك مُشكله في اللغه، حاول بقدر الإمكان تطوَّر اللغه، وعامةً شغفك بالقرايه هايساعدك تحسِّن اللغه. في الأوّل هاتتعب شويه وإنت بتستخدم dictionary، ويُستحسن تحاول تستخدم قاموس إنجليزي إنجليزي، ومع المعافره معاه الدنيا هاتتحسن كتير وهاتتلاقي نفسك عارف تقرا بمُجرَّد إنك تتعوِّد على الكلمات الخاصَّه بالموضوع اللي بتقرا فيه. النقطه التانيه هي إنك متاخدش من حد المعلومات عمياني، كلِّنا هواه وبننقل من دراسات، متتغرش في إن اللي قدامك بينقل من كتاب أسقف ولا كاهن ولا كاتب عربي مشهور، لما تسمع معلومه روح دوَّر وراها في كتب المُتخصصين. مفيش حد هايلخصلك تلخيص كامل الشفافيه وكامل في نقل المعلومه، حتى وأنا بكتب دلوقتي مستحيل ألخصلك كمية الدراسات اللي متاحه قدامي في 1500 كلمه. أنا بحاول أقولك الآراء المُتاحه حتّى لو بإختزال وبإختصار، وبحاول مخبيش عليك معلومات، وبحاول أعتمد فقط على دراسات مُتخصصين، بس ده مش معناه إني هاقدر فعلاً أنقل وأترجم كل حاجه. الباقي عليك، والبحث مبيخلصش. تالت حاجه وأخيراً، أنا وريتك عيَّنات من اللي بيُطرح في مجال دراسة الأديان، شوفنا كاتب مشهور بيكتب في تاريخ العراق وتاريخ الأديان ولما كتب في المسيحيه طلع بيخلط كلامه بكلام المتخصصين وبيجيب كلام من عنده أساساً. ف توخَّى الحذر جداً خصوصاً لما يكون اللي بيديك المعلومه عايز أساساً يثبت إن الآيديولوجيا بتاعته صح على حسابك. الكُلّ مُنحاز، وإنت دورك تدرس وتتبع الدَّليل.


3- رؤيا بطرس

النصّ التالت اللي بيُطرح بإعتباره دليل على “عدم صَلب يسوع” هو رؤيا بطرس، وحُجِّة المُدَّعي هي إن ده نصّ قديم بيرجع لبطرس فعلاً، لدرجة إنه بيقول إن النصّ ده بيتزامن مع سِفر الرؤيا ليوحنَّا والمُدَّعي بيقول إنه أهم من نَصّ يوحنَّا كمان لأن كاتبه بطرس مش زي النصّ بتاع رؤيا يوحنَّا اللي مش معروف كاتبه. وفي مقدِّمة إدعاءه بيقول إن نصّ رؤيا بطرس بيتكوِّن من 300 عدد وكان بيُقرأ في بعض كنائس فلسطين ولقوه في أخميم سنة 1886م وبعد كده لقو منه ترجمه أثيوبيَّه سنة 1910 وإنه “يؤكِّد نجاة المسيح”. دي كده الإدعاءات بإختصار.

طيب تعالو نشوف الكلام ده مدى صدقه إيه. مبدئياً اللي بيقول الكلام ده بيخلط ما بين كذا نصّ إسمهم رؤيا بطرس أو Apocalypse of Peter أو Revelation of Peter. المعلومه دي هاتلاقيها في كتاب Bart Ehrman بعنوان The Lost Christianities: The Battles for Scripture and the Faiths We Never Knew في صxiv. في الصفحه دي بيذكر Ehrman نصِّين، الأول هو رؤيا بطرس (نصّ من القرن التَّاني) و رؤيا بطرس القبطي (نصّ غنوسي من القرن التَّالت). النصّ بتاع القرن التَّاني ده كان موجود مع نصّ إنجيل بطرس، وهم دول النصِّين اللي كانو مع بعض (وكان معاهم جُزء من أخنوخ الأوَّل وقصة إستشهاد القديس يوليان St. Julian) وإكتشفوهم في أخميم سنة 1886-1887م (Ehrman، ص16). مُحتوى النصّ ده بيتخلص في رؤيا شافها بطرس خلال إجتماع يسوع بالتلاميذ على جبل الزيتون، ووسط كلام يسوع معاهم عن مثل شجرة التين كان التلاميذ وبطرس مش فاهمين اللي يقصده ف طلب بطرس من يسوع إنه يشرحلهم المثل ف كلمهم يسوع عن معنى المثل وعن الأيام الأخيره والكوارث اللي هاتحصل وعن حياة الناس ما بعد الموت وعن عذاب الأشرار والخُطاه والجحيم وهكذا، وغالباً النصّ ده أو حاجه شبهه كان هو اللي ألهم دانتي أليجري في كتابة فصل الجحيم أو Inferno. الهدف من النصّ إنه يحُضّ النَّاس على ترك الخطيَّه وتحفيزهم تجاه التقوى بإنهم يعرفو مصير الأبرار. النصّ ده كان فُقِد وبعد كده لقوه تاني بصوره كامله في ترجمه إثيوبيَّه، عرض Ehrman ترجمه ليها في كتاب Lost Scriptures: Books that did not make it into the New Testament، ص280. في مُقدمة الكلام عن النصّ بيقول إن في 3 نصوص مُكتشفه إسمها رؤيا بطرس، وبيخُص بالذكر في الفصل ده النصّ سابِق الذِّكر المُكتشف في أخميم وبيقول إن هو ده النصّ اللي في قائمة موراتوري وقانون يوسابيوس القيصري.

في الفصل التَّاني من رؤيا بطرس المؤرَّخ للقرن التَّاني (مش النصّ القبطي) بيكلم يسوع التلاميذ وبيقولهم إن في مُسحاء كذبه هاييجو وهايُضِلو النَّاس وهايقولولهم “أنا هو المسيح الآتي إلى العالم”، وبيتكلم عن الذنب اللي هايرتكبه اليهود بصَلب المسيح الأوَّل. النص الإنجليزي بيقول “the first Christ whom they crucified and therein sinned a great sin”، أو “المسيح الأوَّل الذي صلبوه وبهذا قد إقترفوا إثماً عظيماً”. يعني النصّ الأوَّل المُسمَّى رؤيا بطرس وهو نَصّ من القرن التَّاني وكان يُقرأ في الكنائس قديماً والمذكور في قانون موراتوري وقانون يوسابيوس القيصري لا يُنكِر الصَّلب، بل على العكس تماماً بيقول إن المسيح الأول الحقيقي هايُصلَب وإنه إثم عظيم على صالبيه. ولو كان المُدَّعي هايلتزم بكلامه ويَعتَقِد إن بطرس هو فعلاً كاتِب النصّ ده ف هو كده جابلنا شهادة واحد من التّلاميذ للصَّلب، بس عشان إحنا أجدع منه وبندقق في المعلومه هانقوله بطرس مكتبش النصّ ده ومش محتاجينه أصلاً كدليل للصَّلب لأن عندنا اللي أقدم منه بقرن، ولكن “من فمَك أدينك”. بالمرَّه بقا، لو عايز تستشهد بالنصّ ده ف في الفصل السَّادس بيتكلِّم عن مجييء يسوع وسط الملائكه وجلوسه عن يمين الآب ووضع التَّاج على رأسه. وفي الفصل الثالث عشر بيتكلِّم عن إن الملائكه بتُحضِر الأبرار أمام بيسوع بإعتبارهم مُختاريه، يعني يسوع هو اللي بيُدين النَّاس وهو اللي بيختار الأبرار للملكوت والأشرار للجحيم. ف لو عندك إستعداد تلتزم بالنقط دي معنديش مُشكله، بس المُشكله إنك بتستشهد بنصّ بيقول بالصَّلب على إنه دليل على عدم الصَّلب، ونرجع ونقول ده كله بسبب القصقصه من الكتب بدون معرفه ولا درايه بمحتوى النصوص أصلاً، لدرجة إنك تاني مرهَّ متبقاش عارف إن في كذا نصّ بنفس الإسم، المره الأولى في برنابا والتانيه في رؤيا بطرس. يبقا تقرا كويس قبل ما تقصقص من الكتب ويبقا ده مطعن كبير إما في معرفتك أو في أمانتك. ده حتَّى Bart Ehrman قايلهالك في كتاب The Lost Christianities ص185، بيقولك عن رؤيا بطرس القبطي “لا يجِب الخَلط بين هذا النصّ وبين نصّ رؤيا بطرس ما قبل الأرثذوكسي الذي يرى فيه بطرس السَّماء والجحيم”، مش كنت تسمع كلام الرَّاجِل الطيِّب ده؟

أما النصّ التّاني المُسمَّى برؤيا بطرس القبطي، وده من مخطوطات نجع حمادي Nag Hammadi Codices، ف ده بيرجع للقرن التَّالت زي ما ذكر Ehrman في The Lost Christianities صxiv. لو رجعنا لكتاب Henriette Havelaar عن رؤيا بطرس القبطي بعنوان The Coptic Apocalypse of Peter اللي إتنشر سنة 1999، هانلاقي في ص13 إن بحسب لاهوت النصّ ده المُخلِّص المصلوب 3 طبائع غير ماديَّه مُتصِّله بشكل مؤقَّت بجَسَد يسوع. في ص82 في تعليق على نصّ رؤيا بطرس القبطي وتحديداً الفقرات 71: 28-30، بيقول إن اللي على الصَّليب هو بالفعل جسد يسوع، والتفسير بعد كده بيشرح إن النصّ بيميِّز بين طبائع مُتعدِّده ليسوع، في جَسَد بيُصلَب وبيتأَّلم وفي يسوع غير المادِّي اللي لا يُعاني ولا يتأثَّر بالصَّلب. الفكره دي مُهمَّه لأنها بتورينا أصل فكرة “الشَّبيه” اللي هانشوفها بعد كده عند بازيليدس. التصوُّر اللي في الأناجيل القانونيَّه الأربعه إن يسوع تألَّم ومات وقُبِرَ (وقام). التصوُّرات الغنوسيَّه بتفصِل يسوع لشخصين، يسوع الحقيقي ويسوع المادِّي، أو يسوع الروحي ويسوع الجسدي. بالنِّسبه للغنوسيَّه يسوع الحقيقي هو فقط يسوع الرُّوحي أو الإلهي، يسوع الجسدي المادِّي مؤقَّت وفاني.

الفكره دي بدأت تتطوُّر وتتشعَّب، ف تلاقي في القرن التَّاني والتّالت ناس كانت بتقول إن يسوع صُلِب ولم يتألَّم، وناس إنه صُلب وتألَّم ظاهرياً، وناس طلعت بفكره تالته وهي إن اللي على الصَّليب مش يسوع أصلاً. عشان تفهم الصُّوره دي كويس لازم تعرف إنك هنا بتتكلِّم عن نصوص لاحقه زمنيَّاً ومش معنيَّه أصلاً بتاريخ يسوع الأرضي. الغنوسيين مش بيشوفو قيمه لجَسَد يسوع المادِّي ولكن القيمه ليسوع الرُّوحي، الغنوسيين بيشوفو العالم كصِراع بين كيانات سماويّه بعضها بيحرَّر الإنسان وبعضها بيحاول يأسره في الجَسَد ويُضِلُّه. كل ما بترجع لورا زمنياً كل ما هاتلاقي نصوص فيها بعض التَّاريخ بجانِب القراءات اللاهوتيَّه، لما بتدخل على بداية القرن التَّاني ومع إنتشار الغنوسيَّه بفروعها بتلاقي السَّرديَّه بقت أقل إهتماماً بالتَّاريخ وبتميل أكتر للصراعات السماويَّه بين إلهين أو أكتر. بيقِل الإهتمام بـ “يسوع التَّاريخ” وبياخد الصَّليب أبعاد أسطوريّه غريبه. في حين إن الصُّوره اللي في الأناجيل الأربعه هي صوره تاريخيَّه منطقيَّه جداً، شخص إلتف حوله النَّاس وراح كذا حتَّه يكرز ويُحتمل إنه عمل قلق في الهيكل ف الرومان جابوه وصلبوه. من صعوبة الموقِف المُعاصرين له والمؤمنين بيه مقدروش ينكرو بشاعة الحَدَث ولا حاولو يغيَّروه، لكن قروه في ضوء النصوص بتاعت العهد القديم وآمنو بإنّه هايُمجَّد وآمنو به “قائم من الأموات”. لكن كل ده لم يمنع المُعاصرين واللي جم بعدهم بعقود إنهم يقبلو الصَّلب بكل العار والسوء اللي فيه.

ختاماً خلينا نشوف بعض الآراء التّانيه اللي بتأكِّد إن حتى في النصّ الغنوسي القبطي يسوع هو المصلوب، عشان بردو منبقاش وقفنا عند رأي scholar واحد. في نفس كتاب Havelaar في الصفحات 89، 102، 177، 184، 190 كلهم بيتكلِّمو عن إن المصلوب هو يسوع. هانقف عن صفحتين منهم في السّريع، ص144 بتوضَّح إن رؤيا بطرس القبطي مُعتمِد نصِّيَّاً على الأناجيل الإزائيَّه، وبالتَّالي مينفعش يتِم إعتباره مصدر مُنفصل لأي حاجه، وص190 بتقول بشكل مُباشر إن فكرة الفصل بين المُخلِّص الحقيقي “يسوع الرُّوحي” اللي مش بيتألَّم ولا يُعاني عن يسوع الإنسان اللي بيتصلب فكره مُنتشره في مخطوطات نجع حمادي، وإبقا إفتكر ال reference ده عشان هانبقا نرجعله تاني في باقي النصوص اللي بيستخدموها من نصوص نجع حمادي. وكمان في رأي كنت إتكلمت عنه في جُزء سابق وهو رأي Frank Williams في كتاب The Gospel of Judas: Its Polemic, Exegesis, and its Place in the Church History ص397 اللي إتكلم عن إنجيل يهوذا ورؤيا بطرس وقال إن الإتنين بيفصلو بين يسوع الإلهي أو الروحي ويسوع المادِّي وبيقولو إن دمار الجَسَد المادِّي ليسوع هو تحرير ليسوع الرُّوحي. وكمان Jörg Frey في كتاب صدر سنة 2019 بعنوان Second Peter and the Apocalypse of Peter: Towards a New Prespective ص141، بيعلَّق على رؤيا بطرس القبطي والفقرات 81. 3 – 83. 15 وبيقول إن في الفقرات دي بطرس بيشوف رؤيا ليسوع “الحيّ” وهو واقف بيضحك على جسده المصلوب، يعني يسوع شخصين فعلاً، يسوع الحقيقي ويسوع الإنسان، يسوع الحقيقي لا يتألَّم، لكن يسوع الإنسان مُعلَّق على الصَّليب.

يعني لا رؤيا بطرس القديم بينفي الصَّلب، ولا رؤيا بطرس القبطي بينفي الصَّلب، ولا اللي بيدَّعي الإدعاء ده هايقبل بباقي إدعاءات النصوص دي عن يسوع (زي ما شوفنا إن يسوع هو اللي بيُدين النَّاس وبيجلس عن يمين الآب)، ولا هو عارف تأريخ النصوص دي بيرجع لإمتا، ولا هو حتى قرا ورقتين يشرحوله النصوص دي بتقول إيه. شايف وضع اللي عاملين نفسهم فاهمين في الحاجات دي عامل إزاي؟


4- أعمال يوحنا

النصّ الرَّابِع اللي بيتم الإحتجاج بيه هو أعمال يوحنَّا، والإدعاء هو إن النصّ “بيأكِّد نجاة المسيح”. مبدئيَّاً في نصِّين بإسم أعمال يوحنَّا. في واحد إسمه ليوسيوس Leucius (معروف ب Leucius Charinus، راجِع كتاب Bernhard Pick بعنوان The Apocryphal Acts of Paul, Peter, John, Andrew, and Thomas، صx) كتب خمس نصوص أعمال رسل بيرجعو لما بين القرن التَّاني والتَّالت (يهمنا منهم أعمال يوحنَّا، وبيرجَّح Pick تاريخ كتابته لما بين 150-180م)، كتب أعمال يوحنَّا وبطرس وبولس وأندراوس وتوما (في كتاب Pick بيقول إن في بعض الباحثين بينسبو أعمال يوحنَّا فقط لليوسيوس، زي Schmidt مثلاً، راجِع نفس الصفحه السابقه، وفي باحثين تانيين زي Theodore Zahn و James شايفين إن ليوسيوس كاتب أعمال يوحنَّا هو نفسه كاتب أعمال بطرس، ص51)، وفي نَصّ تاني كتبه بروكوروس Prochorus في القرن الخامس، وده روايه (النوع الأدبي بتاعها بيتوصَّف romance) بتحكي الأعمال المُعجزيَّه ليوحنَّا في جزيرة بطمس (راجِع The Anchor Yale Bible Dictionary الجُزء الثالث، ص899). من المُهم إننا نعرف المعلومه دي عشان النصّ بتاع القرن التاني أو التالت لأعمال يوحنَّا مالوش مخطوطات كامله، وتقريباً 70% من النَصّ بيحاول الباحثين تجميعه من نصوص ثانويَّه ومن ضمنها أعمال يوحنَّا اللي كتبه بروكوروس، لأن بروكوروس إعتمد على نَص ليوسيوس وضاف عليه تفاصيل وأحداث عشان ينتج النصّ النهائي في القرن الخامس (راجِع Eerdmans dictionary of the Bible ص722). بس طبعاً خلي بالك إن موضوع إن ليوسيوس هو الكاتِب ده مبني على كلام أسقف إسمه فوتيوس من القرن التَّاسِع، وليوسيوس ده مذكور في واحد من كتب أبيفانيوس أسقف سلاميس بإعتباره واحد من تلاميذ يوحنَّا (راجِع كتاب Joey McCollum و Brent Niedergall بعنوان Acts of John، ص9).

في الصفحه 125 بيقول Pick إن النصّ فيه سِمات دوسيتيَّه، يعني بيفصِل ما بين يسوع الحقيقي أو الرُّوحي وما بين جسده أو صورته الماديَّه. نفس الكلام بيقوله قاموس Yale في الجُزء الأوَّل ص1210 بيتكِّلم عن الدوسيتيَّه وبيقول إنها كانت فرقه بتتجنَّب عار الصَّليب عن طريق إنها تقول إن يسوع الرُّوحي لم يتألَّم وكان واقف بيضحك وصورته بتُصلَب. اللي الدوسيتيَّه بتتكلِّم عنه هنا مش فكرة الشَّبيه، ولكن شيء أقرب لفصل الطبيعتين، إنسان يسوع بيُصلَب لكن يسوع الإلهي أو الرُّوحي غير مُعرَّض للآلام، شيء مُشابه للي شوفناه في دراسة إنجيل يهوذا ورؤيا بطرس الغنوسي.

في مقال لـ Dennis R. MacDonald في سلسلة Semeia، العدد 80 بعنوان The Apocryphal Acts of the Apostles in Intertextual Perspectives، ص24 بيقول إن في أعمال يوحنَّا وبطرس فيهم ظاهره إسمها polymorphism، بمعنى إن يسوع طول الوقت عنده صُوَره مُتغيِّره وبيظهر بصُوَر مُختلفه (حتَّى قبل قيامته كمان، راجِع مقال Pieter J. Lalleman في كتابJan N. Bremmer، بعنوان The Apocryphal Acts of John، ص98)، وبيقول إن Eric Junod و Jean-Daniel Kaestli بيتفقو مع نفس الرَّأي وبيستخدموه في حُجَّه مُعيَّنه عشان يقولو إن أعمال يوحنَّا إتكتب قبل أعمال بطرس، زيّ مثلاً في أعمال يوحنَّا 87 يسوع بياخد صورة يوحنَّا وبياخد صورة شاب. المهم بقا إن في أعمال يوحنَّا في 97 يوحنَّا بيشوف يسوع مصلوب يوم الجُمعه في الساعه السادسه من اليوم وبيشوف إن ظُلمه حلِّت على الأرض. ولأن يوحنَّا مقدرش يتحمَّل المنظر بيهرب لكهف وهنا بيشوف يسوع اللي بينوَّر الكهف كله وبيقوله إني قدام شعب أورشليم بتصلب وبيتقدملي الخَل والمُرّ. واللي محتاجين نفهمه هنا إن هيئة يسوع المُتغيِّره والقدره اللي بيستخدمها من حتى قبل قيامته مش هي فكرة الشَّبيه اللي موجوده في نصوص تانيه زي إنجيل بازيليدس. الفكره هنا إن يسوع له طبيعتين، طبيعه إنسانيَّه بتتصلب، وطبيعه روحيَّه أو إلهيه لا تموت بتظهر ليوحنَّا بلا هيئه ويسوع “الحقيقي” على صليب من نور ولكن يوحنَّت كان بيسمع صوته الإلهي فقط، زي ما هو مذكور في أعمال يوحنَّا 98.

في مقال ل Pal Herceg بعنوان Sermons of the Book of Acts and the Apocryphal Acts، في ص166 من كتاب Jan N. Bremmer، بيترجم Herceg جُزء من خاتمة النصّ بيقول “وحين نزلت من الجَبَل ضحكت في وجهِ كُلّ شيء، كيفما أخبرني، أياً كان ما قاله النَّاس عنه، لأنِّي فهمت أن السِّيد قد دبَّر كُل هذا بطريقة رمزيَّة لينال الخلاص والأبدية للعالمين. لذا نعبده، هذا الذي إختبرنا آلامه، ولكن ليس بالأيدي والفم واللسان، ولا بأعضاءِ الجَسَد، ولكن نعبده بسُكنى الرُّوح، هذا الذي كان إنساناً بدونِ هذا الجَسَد”. وبردو في الفقره رقم 101، بيقول أعمال يوحنَّا: “أنتم تسمعون أنِّي تألَّمت، ولكنِّي لم أتألَّم. وتسمعون أنِّي لم أتألَّم، ولكنِّي تألَّمت. تسمعون أنِّي ثُقِبت ولكنِّي لم أُسحَق، وعُلِّقت ولم أعلَّق. تدفَّق الدّم من جنبي، ولم يتدفَّق. ما يقولونه عنِّي لم يُصِبني، وقد عانَيتُ ما لم يقولوه. لذا فإفهموا أنتم أيضاً التَسبيح الذي للكلمة، طعن الكلمة، دم الكلمة، جراح الكلمة، تعليق الكلمة، آلام الكلمة، تثبيت الكلمة بالمسامير، موت الكلمة. وهكذا أنا أكلِّمكم، بخلعِ الإنسانيَّة. إعرفوا أنتم إذاً الكلمة بالأولى، حينها تعرفون السيِّد، وأخيراً (ثالثاً) الإنسان الذي تألَّم”.

النصِّين دول واضحين جداً في إن يسوع الإنسان تألَّم، لكن يسوع طبيعته الأخرى (أو طبائعه الأخرى) لم يتألَّم، عشان كده بيقول “تسمعون أنِّي تألَّمت، ولكنِّي لم أتألَّم. وتسمعون أنِّي لم أتألَّم، ولكنِّي تألَّمت”، فهو تألَّم بإنسانيَّته، وبطبيعته الحقيقيَّه لم يتألَّم. كلّهم يسوع، لكن يسوع مش فقط الإنسان، في على الأقل −بحسب أعمال يوحنَّا− يسوع الإنسان ويسوع الرَّب ويسوع الكلمه، ويسوع “الكلمه” مُستحِق العباده. لحد هنا مفيش شبيه، وفي لاهوت ليسوع، ومفيش شخص تاني مات على الصَّليب بدلاً من يسوع، لكن في فصل للطبائع.

يتبقَّى نقطة واحده مُعقَّده شويه بس خلينا نخلص منها بالمرَّه، بعد ما وضحنا إن الأجزاء اللي إدَّعى الأخ إن فيها إشاره لعدم صَلب المسيح مش بتقول اللي هو عايز يوصلَّه ووضحنا خلفيتها اللاهوتيَّه وإن حتّى في الفقرات دي مفيش أساساً فكرة الشَّبيه وإن يسوع الإنسان نفسه هو اللي بالفعل بيتصلب، خليني أقولك إن حتى الجُزء اللي هو إستدل بيه يُحتمل إنه يكون مُضاف على النصّ. مجموعة الفقرات اللي تم إستعادتها من المخطوطه C بتغطي من 87 لحد 105. الأجزاء دي بيتكِّلم عنها Joey McCollum و Brent Niedergall في كتابهم سابق الذِّكر ص10-11، وبيقولو إن المخطوط اللي واخد الحرف C هو المخطوط الوحيد اليوناني المُتاح للنصّ، وإن في نِزاع حوالين أصالة الجُزء ده للنصّ الأقدم، وبيقولو إن الأجزاء دي فيها لاهوت أشبه بلاهوت فالنتينوس والدوسيتيين، وده خلَّى البعض يشُك في أصالتها للنصّ الأقدم، لكن في ناس تانيه شايفه الجُزء ده مُتماشي مع لاهوت باقي النصّ عادي. والله إن كان مُضاف، ف المُدَّعي كده خلاص معندوش حاجه يستشهد بيها في أعمال يوحنَّا، ولو مش مُضاف ف أدينا جيبناله أدلّه إن النصّ مبينكرش صَلب يسوع، فقط بيفصل الطبيعتين.


تعليقات على سلسلة “أقوال المؤرخين” حتى الجُزء 11 و سلسلة “فِرَق أنكرت الصَّلب” حتى الجُزء 4
لحد دلوقتي في سلسلة الفِرَق إتكلمنا عن ٤ فرق يُدَّعى انها أنكرت الصَّلب ومطلعش فيهم إنكار للصلب ولا حاجه، إما لأنها نصوص مُنتحله في القرون الوُسطي أو لأنها لا تنفي الصلب ولكن بتنفي عن طبيعة المسيح الإلهيه/الحقيقيه الألم، النصوص اللي ناقشناها هي كالتالي:
1-إنجيل برنابا
2- إنجيل يهوذا
3- رؤيا بطرس

4- أعمال يوحنَّا

السلسله دي هدفها إنها تعرض مُعتقدات الجماعات المسيحيه غير الأثذوكسيه ونصوصها بخصوص الصَّلب. لا يخفَى غليك إن المسيحيّه زيها زي أي “دين” تاني فيه تيّار رسمي بينتصر تاريخياً وتيارات أخرى إما بتندثر أو بيحصلها marginalisation وبتبعد عن الأضواء وبتفضل مكمله في جماعات قليله عدد أفرادها غير ملحوظ. عشان تقدر تفهم الحُجَّه اللي في السلسله دي لازم تقراها بالتوازي مع سلسلة “أقوال المؤرخين في صلب المسيح”. سلسله منهم بتقدهم منظور الباحثين وآرائهم كمؤرخين عن كيفية الإستدلال على صلب يسوع، والسلسله التانيه بتحلل إدعاء البعض إن نفي الصلب كان جُزء أصيل من المسيحيّه الأولى وتم إستبداله بعد كده بالصَّلب.

في سلسلة أقوال المؤرّخين ناقشنا ليه يُرجَّح إن يسوع مات بالصَّلب تحديداً. المؤرِّخ معندوش أدوات يرجع بيها يعيش الماضي، وبالتّالي شغله كله بيدور حوالين البحث عن قرائن قديمه وجغرافياً قريبه من الحدث عشان ينظُر فيها. موقف مؤرخي المسيحيه المبكره في الأكاديميا مقسوم جُزئين، في جُزء بينزِّل تعبير “الموثوقيّه” على كل تفاصيل العهد الجديد، وبالتّالي هو مسلِّم مُسبقاً بصحة محتوى النصّ وتفاصيله وبيتخصر كل باقي شغله في التأكيد على اللي هو يعتقد فيه. النوع التّاني ماشي بالعكس، بيشوف النصّ وبيشوف التاريخي والمحيط الثقافي والإقتصادي والإجتماعي واللساني، وبناءاً عليهم يشوف النصّ بيطابق الواقع فين وبيخالف الواقع فين. ولا يخفى عليك إن الطرفين إتناظرو كتير جداً في ده. تخيَّل إن الطرفين دول اللي تقريبا متفقوش على حاجه إتفقو على الصَّلب!

الفكره هنا إن المؤرِّخ عنده كل اللي هو عايزه. عنده مصادر قديمه متعدده، وعنده خبر إشتهرت به الجماعه، والخبر ده مُحرِج للغايه ومُسيء لمؤسس الجماعه، لكن من كتر إنتشاره مبقاش ينفع ينتفي وفرض نفسه كعلامه للجماعه، وأخيراً، الخَبَر لا يُخالف الواقع. يعني أنا لو جيت قولتلك إن الساعه ٣ الصبح شوفت واحد طاير قدام البيت عندي هاتقولي الأرجح عندي إنك نايم أو بتخرَّف أو حتى بتكدب —بالرغم إني أعهد عنك الصدق— على إني أصدق إن ده حصل. لو المؤرِّخ مُتَّسِق مع نفسه وأدواته ف لا مجال لإستبدال الصَّلب بأطروحه تانيه.

أمال الجماعات اللي جت بعد كده دي قالت إيه؟ الواقع هو إن العالم القديم كان عالم مُتعدد الأديان بدرجه كبيره، وكان في شيء أعمق من الأديان كمان وبيتلبَّس الأديان وهو الفلسفه. واحده من الفلسفات دي أو أنماط التفكير دي كان الغنوسيّه. الغنوسيّه لها مفاهيم مُستقله أحياناً، لكنها أغلب الوقت وجدت لنفسها مساحه في أدبيات كل الأديان. يعني إنت كدين عندك قصّه، تبتدي الغنوسيه تدخل وسط أفرادك أو الدين بتاعك يوصل لمنطقتهم الجغرافيّه، ف تندمج القراءه الغنوسيّه وتظهرلك نُسخه غنوسيّه من الدّين بتاعك. الغنوسيّه مش فلسفة تاريخ، يعني مش معنيّه بما حدث بقدر ما هي معنيّه بمعنى ما حدث. في الغنوسيّه في صراع سمائي ما بين قوَّات الآلهه، في ألهه متعدده بتتصارع على حُكم العالم وعلى الحَق وعلى وعي الإنسان. فيهم إله حقيقي، وفيهم إله شرير مُسيطر على العالم المادّي، فكره أفلاطونيّه زي الفصل بين عالم المُثُل الكامل وعالم المادّه القاصر.

بالنسبه للغنوسيّه ف موت يسوع كان حدث تمت “إعادة قراءته”، يعني الغنوسيين مش ناس عندهم مصادر تاريخيّه قديمه بديله وحد “حرّفها” أو أخفاها. هم ببساطه إعادة قراءه لبعض الأناجيل —زي ما هانشوف في الأجزاء اللي جايه لما نناقش العِظه التانيه لشيث العظيم وعقيدة بازيليدس— والقراءه دي بتصيغ الصَّلب في ضوء الصراع السمائي بين الإله الخيِّر إله العهد الجديد وإله العالم ممثلاً في إله العهد القديم وأتباعه. الصّلب بالعار المنظور فيه كان حدث لا يُمكن التخلُّص من تاريخيّته، لكن عند الغنوسيين الظّاهر/المادّه مش هي جوهر الأشياء. وبالتّالي يسوع متعدِّد الطبائع له مستويين (على الأقل) من الوجود، مستوى بشري ظاهري بيقدر يغيّره أي وقت polymorphic ومستوى حقيقي روحي إلهي عديم الفساد وعديم الألم وغير مُتغيِّر. الفصل الحاد بين الطبائع ده نتج كرد على السّرديّه الأرثذوكسيّه اللي بتحاول تصيغ الإتحاد بين الطبيعتين بلا إنفصال في أي لحظه. هنا بردو تشوف إن الصِّراع مش حوالين “يسوع التاريخي” بتاع ال scholars، ولكن الخلاف حوالين يسوع الإيمان. الغنوسيين بالفصل بين الطّبائع قدرو يخلقو مساحه لنفي حقيقة الصّلب مع الإقرار بظاهره — اللي قولنا إنه إنتشر إنتشار كبير يمنَع إنتفاؤه. الحَل كان هو إن الظاهر غير الباطن. يسوع اللي إتعلّق على الصّليب قدامكو ده مش هو يسوع الحقيقي.

التمييز بين اليسوعين حصل بكذا طريقه. في فرق قالتلك إن يسوع كإنسان كان بيتألّم عادي وفي نفس الوقت يسوع الروحي كان بيظهر لتلاميذه عشان يفهمهم الحقيقه. وفرق تانيه قالتلك إن الصليب نفسه كان له مستويين، مستوى العقوبه الرومانيه ومستوى تاني سماوي (زي فكرة يسوع اللي بلا هيئه ومصلوب على صليب من نور في أعمال يوحنّا). وفرق تانيه قالت إن يسوع نفسه كلن على الصليب بس آلامه ظاهريه، لأنه في الحقيقه لا يتألم. وفرق تالته شافت في لحظة حمل سمعان القيرواني للصليب اللحظه المناسبه اللي يسوع يغير فيها شكله ف يتصلب سمعان بدل يسوع، بحيث يخدع إله العهد الجديد إله العهد القديم وأتباعه. كل اللي بيحصل هنا هو reflection أو تأمُّل في نصوص أساساً موجوده ومكتوبه، وهي نصوص الأناجيل الأربعه.

طب هل المؤرِّخ يقدر يثبت أطروحة الغنوسيين؟ الإجابه المُختصره قطعاً لأ. طب هل قطعاً لأ دي إجابه دينيّه؟ بردو لأ. قطعاً لأ لأن المؤرخ عشان ينظُر في خبَر محتاج خبر قديم من مصادر متعدده ولا يخالف ما نعرفه عن سير الطبيعه. المؤرّخ في دراسة الصلب متوفِّر عنده كل حاجه ممكن يحتاجها، وفي نفي الصّلب ينقصه كل شيء. ينقصه مصادر قديمه متعدده بترجع لزمن ومكان الحدث. وبتواجهه إشكاليه معرفيّه كبيره هي إن بديل الصّلب هو إن الناس شافت بعينيها شيء بس الواقع شيء تاني، وأساساً المعرفه بتتحرك من إفتراض قَبلي a priori بصدق الحواس. ف لو الحواس مش صادقه وفي إحتمال إننا نشوف واحد بيتصلب بس هو مش هو يبقا خلاص مفيش معرفه أصلاً ولا جدوى للحواس.

المؤرِّخ معندوش غير خبر واحد مُتَّسِق مع أدواته التاريخيّه ومع السياق الزمني والثقافي ومع علم المعرفه، وهو إن في شخص يهودي في القرن الأول تم صلبه وإنتشر خبر موته وسط أتباعه وخارجهم. مفيش أي شيء غريب أو مخالف لسير الطبيعه أو للخبر المنتشر نفسه. عشان كده اللي طرحو إشكاليات معرفيه على المعجزات والقيامه والنبوات معندهومش أي مشكله يقولو إن الصلب هو ال undisputed fact أو “الحقيقه التي لا تقبل النزاع” في حياة يسوع. ممكن نبقا نناقش التفاصيل نفسها، إتصلب أنهي يوم بالظبط، طب إتحاكم إزاي، طب هل الحوار اللي دار بينه وبين بيلاطس تاريخي ولا لأ، كل الحنكشه في الكلام ده لن تؤدّي ولا تؤثِّر على الحدث الجلل نفسه وهو الموته البشعه اللي عاناها على يَد جنود الإمبراطوريه الرومانيه.


5- العِظة الثانية لشيث العظيم

النصّ الخامِس اللي عندنا هو نصّ غنوسي من نصوص نجع حمادي إسمه The Second Treatise of the Great Seth، وبالرَّغم من تسميته على إسم “شيث العظيم” إلّا إن النصّ لا يذكُر إسم شيث بالمرَّه. وأخيراً هانشوف النهارده نصّ فيه قصِّة الشبيه! بالرَّغم إن النصّ ده إسمه العظه التانيه، إلّا إن العظه الأولى مفقوده ويمكن مكانش في العظه الأولى أصلاً (راجِع Bart Ehrman، كتاب Forged: Writing in the Name of God) النصّ ده بيرجع القرن التَّالت (راجِع Bart Ehrman، Lost Christianities: The Battles of Scripture and the Faiths we never knew، صxv). الجُزء اللي بيتكلِّم عن حادثة الصلب بيقول (ودي ترجمتي للجُزء من كتاب Gospels and Gospel Traditions in the Second Century لـ Jens Schröter و Tobias Nicklasو Joseph Verheyden، وتحديداً من مقال Christopher M. Tuckett بعنوان Principles of Gnostic Exegesis، ص300)، من الفقرات 56: 6-19:

“لقد كان آخَر، لقد كان أبوهم، هو الذي شرب المُرَّ والخَل. لم أكن أنا. ضربوني بالقصبة، لقد كان آخَر، سمعان الذي حمل الصَّليب على ذراعيه. لقد كان آخَر الذي وضعوا عليه تاجَ الشَّوكِ. ولكنِّي كُنت أبتهِجُ في العُلا، فوق كُلِّ غِني الأرخونات archons وبَنِي خطاياهم، فوق مجدهم الزَّائِف. وكنت أضحَك على جهلهم.”

بيعلَّق Tuckett على الإعتقاد الغنوسي في الصفحتين 299-300 وبيقول إنها بتعكس معرفه ويمكن كمان إعتماد نصِّي على الأناجيل القانونيَّه (ص299)، ده نفس اللي كنت بقولهولك في التعليق اللي فات على اللي وصلناله في السلسله دي. النصوص الغنوسيَّه بتعلَّق على نصوص الأناجيل وبتنقدها وبتعيد شرح بعض الأحداث بطريقه غنوسيَّه والبعض الآخَر بتحكي عنه أحداث بديله، ومن المُهم إنك تفهم الهدف من الأشاره دي، الإعتماد النصِّي معناه إن النصّ الغنوسي ده معندوش مصدَر منُفصل للمعلومه عن الأناجيل الإزائيَّه، متقدرش تعتبره مصدر تاريخي مُنفصل لأن معلومه هي الإنجيل القانوني اللي بينقل منه أو بيعتمد عليه. عشان كده مثلاً لما بندرس أي موقف مذكور في الأناجيل الإزائيه مرقس ومتَّى ولوقا بنعتبره مذكور في مصدَر واحد لأن متّى ولوقا خدو الخَبَر من مرقس، وبالتّالي عندك مصدر واحد. نفس الحال مع الأناجيل الغنوسيَّه، لو الكتاب بيعتمد في سرديِّته على إنجيل قانوني (سواء كان بيدعمها أو بينقدها) ف المصدَر هو فقط الإنجيل القانوني، مينفعش نعتبرهم مصدرين مُنفصلين.

في ص300 بيطرح Tuckett رأي بعض الدّارسين وبيختلف معاه، الرأي ده بيقول إن قصة إن سمعان القيرواني هو تحديداً اللي بيتصلب بدل يسوع جايه من إعادة تفسير لنصّ مرقس 15: 21-24. النصوص دي بتقول “فَسَخَّرُوا رَجُلًا مُجْتَازًا كَانَ آتِيًا مِنَ الْحَقْلِ، وَهُوَ سِمْعَانُ الْقَيْرَوَانِيُّ أَبُو أَلَكْسَنْدَرُسَ وَرُوفُسَ، لِيَحْمِلَ صَلِيبَهُ. وَجَاءُوا بِهِ إِلَى مَوْضِعِ «جُلْجُثَةَ» الَّذِي تَفْسِيرُهُ مَوْضِعُ «جُمْجُمَةٍ». وَأَعْطَوْهُ خَمْرًا مَمْزُوجَةً بِمُرّ لِيَشْرَبَ، فَلَمْ يَقْبَلْ. وَلَمَّا صَلَبُوهُ اقْتَسَمُوا ثِيَابَهُ مُقْتَرِعِينَ عَلَيْهَا: مَاذَا يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ؟” بعض الدّارسين شايفين إن اللي إستغله الغنوسيين هنا هو إن الضمير اللي في الكلمات “صليبه، به، أعطوه، صلبوه، ثيابه” مش مُحدَّد هي مقصود بيها يسوع ولا سمعان القيرواني، وبالتَّالي النصوص دي هي اللي فتحت باب لسردية إن يسوع إتبدِّل بسمعان القيروان في الأحداث دي تحديداً. طبعاً الكلام في إنجيل مرقس واضِح إنه عن يسوع في باقي النّصوص، بس إستغلال غموض الضمائر في النصّ كان هو التَّخريجه اللي إستغلها البعض في إعادة قراءة النصّ. وهانتكلِّم عن تفسير مرقس 15: 21-24 بشكل مُفصَّل أكتر لما نناقش بازيليدس في الجُزء اللي جي.

في قاموس The Anchor Yale Bible Dictionary الجُزء الخامس ص1119 في إشاره لنصّ تاني في العِظه التانيه لشيث العظيم مُعتمد في النصّ بتاعه على إنجيل متَّى (27: 45-53). في كمان كتاب لطيف جداً إسمه Nag Hammadi texts and the Bible: A Synopsis and Index لـ Craig Alan Evans و Robert Leslie Webb و Richard A. Wiebe. الكتاب ده بيعرض نصّ العِظه التانيه لشيث العظيم والنصوص الموازيه ليها في العهدين. الجدول اللي جي مبني على الكتاب السَّابِق، ص295-304 فيه ترقيم بعض نصوص شيث وترقيم نصوص العهد الجديد عشان فكرة الإعتماد الأدبي على نصوص العهد الجديد تكون أوضح، ولاحظ إن اللي هاكتبهولك مش كل اللي قاله الكتاب، بس عشان عدد الكلمات ميبقاش كبير جداً هاقولك بعض الأمثله المُهمه وهاترجملك بعض الأمثله من نصّ شيث عشان تقارنها مع شواهد العهد الجديد:

شيث 49: 20-25 −−− يوحنا 1: 14، يوحنا 1: 18
الترجمة: “أنا أحضرت كلمة المجدِ التي لأبينا بصلاحهِ وأيضاً فِكره الذي لا يزول، الذي هو كلمته الذي هو فيه.”
شيث 49: 26-27 −−− رومية 6: 3-9
الترجمة: “إنها العبودية، تِلك التي تموت مع المسيح.”
شيث 49: 32-35 −−− يوحنا 14: 20، يوحنا 17: 21، يوحنا 17: 23، يوحنا 17: 11، 22
الترجمة: “أنا هو الذي أكون فيكم، وأنتم في، كما أن الآب فيكم.”
شيث 51: 34 – 52: 3 −−− يوحنا 3: 31، يوحنا 8، 23، كورنثوس الأولى 15: 47
الترجمة: “لأنه كان إنساناً أرضيَّاً، أما أنا فمن فوق من السماوات.”
شيث 55: 30 – 56: 4 −−− كورنثوس الأولى 2: 8
الترجمة: “لأن موتي الذي يظنونه كان لخطأهم وعماهم، لأنَّهم سمَّروا رجلهم لموتهم. لأن الإينويا لم تَرَني. لقد كانوا صُمَّاً وعِمياناً. ولكنَّهم بما عملوا يدينون أنفسهم.”
شيث 56: 3-4 −−− متى 27: 25
الترجمة: “ولكنهم بما عملوا يدينون أنفسهم.”
شيث 56: 8-9 −−− متى 27: 30، مرقس 15: 19
الترجمة: “ضربوني بقصبة.”
شيث 56: 9-11 −−− متى 27: 32، مرقس 15: 21، لوقا 23-26
الترجمة: “لقد كان آخَر، سمعان الذي حمل الصَّليب على ذراعيه.”
شيث 56: 12-13 −−− متى 27: 29، مرقس 15: 17، يوحنا 19: 2
الترجمة: “لقد كان آخَر الذي وضعوا عليه تاجَ الشَّوكِ.”
شيث 57: 3-6 −−− يوحنا 4: 34، يوحنا 5: 30، يوحنا 6: 38
الترجمة: “لقد كنت أنا الفاعل لهذه الأشياء لإراداتي أن أحقِّق ما أردت بمشيئة أبي الذي هو فوق.”
شيث 58: 20-21 −−− متى 27: 45، مرقس 15: 33، لوقا 23: 44
الترجمة: “شمس قوَّات الأرخونات غابَت، لاحت عليهم ظُلمة.”
شيث 58: 26 – 59: 3 −−− متى 27: 51-53
الترجمة: “حجاب الهيكَل شقَّه بيديهِ. لقد كانَت هزَّة قد إجتاحَت فوضى الأرض لأن أرواح النائمين قد أطِلقَت. وقاموا. وتجاسروا إذ تركوا عنهم غيرة عبودية الجَهل والجهالة بجوار قبورهم.”
شيث 59: 4-7 −−− كولوسي 3: 10
الترجمة: “وإذ لبسوا الإنسان الجديد لأنّهم عرفوا الآب المُبارك الواحد الكامل الأبدي وغير المفهوم.”
شيث 60: 2 −−− متى 6: 24، لوقا 16: 13
الترجمة: “يخدمون سيدين.”
شيث 60: 10-12 −−− كورنثوس الأولى 2: 7، 16
الترجمة: “لأن لنا ذهن الآب في السِّر غير المنطوق.”
شيث 64: 13-15 −−− يوحنا 1: 10-11
الترجمة: “أنا هو الذي لم يعرفه العالم، ولأجل هذا قام العالم ضدِّي وضِدّ إخوتي.”
شيث 70: 5-6 −−− يوحنا 1: 1-2، يوحنا 1: 18
الترجمة: “أنا كنت في حضن الآب منذ البدء.”

الأمثله اللي فاتت توضحلك ليه Tuckett قال إن النصوص الغنوسيه مُعتمده نصيَّاً على الأناجيل الإزائيَّه وواضح كمان إنها مُعتمده على يوحنّا وباقي نصوص العهد الجديد. وبالتَّالي إحنا مش قدام نصّ بيقدم مصدر تاريخي موثوق وقديم بيرجع لزمن الصَّلب ولكن نصّ يعرف نصوص العهد الجديد وبيتنازع معاها لاهوتيَّاً من خلال إعادة قراءة نصوصه في ضوء الأسطورة الغنوسية. في حواشي كتاب A Marginal Jew: Rethinking the Historical Jesus لـ John Meier ، في ص124 والحاشيه رقم 69، بينقل Meier كلام Köhler في كتاب Die Rezeption des Matthäusevangeliums in der Zeit vor Irenäus أو “إستلام إنجيل متَّى في وقت إيرينيوس”، اللي بيستنتج فيه Köhler إن إعتماد العِظه التانيه لشيث على إنجيل متّى “مُرجَّح”، وبيختتم Meier بكلام Köhler اللي بيقول فيه “الصورة الإجمالية لإنجيل متَّى في كتابات نجع حمادي المسيحية هي نفس صورة إستلام النصّ التي نجِدها لمتَّى في القرن الثُّاني. هذه الكتابات بوضوح تفترض كون متَّى نصَّاً هامَّاً، وفي بعض الحالات (يعتبرونه) النصّ الأهمّ.”

ختاماً، معلومة إن في بعض النّصوص من القرن التّاني والتالت إتكلمت في موضوع الشَّبيه حاجه مش جديده، أي حد مُطلِّع على كتابات إيرينيوس وأبيفانيوس ويوسابيوس القيصري ونجع حمادي عارف الكلام ده. السؤال القائم اللي لحد دلوقتي مالوش إجابه ومش هايكونله إجابه هو إيه القيمه التاريخيَّه للإستشهاد بالكتابات دي إن كانت مُحتواها أساساً النِّزاع اللاهوتي ومش في إهتمامها أساساً تدوين التَّاريخ؟ مين من مؤرخي المسيحيَّه المٌبكره شاف في المصادِر دي مصدَر موثوق لمعرفة تاريخ النصف الأول من القرن الأول الميلادي وحياة يسوع؟ ولو مفيش مؤرخين قالو بالكلام ده على إختلاف خلفياتهم ومُعتقداتهم مقالوش ده ليه؟ ببساطه لأن مفيش مصادِر مُستقلّه وقديمه وبتسرِد تاريخ في الكتابات دي، ووبساطه لأن المؤرِّخ مش هايقبَل بفكرة إن في واحد ماشي يتلبَّس أشكال النَّاس اللي حواليه، لو ضربت الحواس ضربت كل المعارف.


6- رسالة بطرس إلى فيلبس

ده نصّ فالنتيني مُكتشف سنة 1978 ضمن نصوص مخطوطة Tchacos من مخطوطات نجع حمادي القبطية. ده نصّ بيرجع للنصف الأول من القرن الثالث (راجِع Jörg Frey، مقال بعنوان Petrine Traditions and Authorship Constructions، ص26، في كتاب The Apocalypse of Peter in Context لـ Daniel C. Maier و Jörg Frey و Thomas J. Kraus) وهو نصّ قصيَّر من 9 صفحات وبيُدَّعى من البعض إنه بينكر الصَّلب، واللي بيدَّعي كده بيجيب المعلومه من كتاب المُحيط الجامع في الكتاب المقدس ليوسف الفغالي ص575. بيقول بولس الفغالي “وُجِدَت في نجع حمادي في ترجمة قبطيَّة عن اليونانيَّة. هي تتضمن تعليماً ظاهرياً عن صلب يسوع (لم يُصلب في الحقيقة، بل في الظاهر، شُبِّه به). هذا الكُتيِّب هو رغم عنوانه قريب من الأعمال.” ده مثال كويس يوريك ليك مش المفروض تقرا لغير المتخصصين، هاتقولي “ده الفغااااالي!”، هاقولك آه والله تخيَّل، مش متخصص. التَّخصص مش إنك تنشر كتب كتير، التخصص إنك تدرس في جامعه وتمُر بالدرجات العلميه لحد الدكتوراه وما بعدها وتنشر في دوريات علميه مُحكَّمه peer-reviewed وتكون بتنتج مُحتوى علمي في وسط قادر على النّقد والتقييم لأن النّقد والتقييم هو اللي بيصنَع الباحث.

في مقاله أكاديميَّه بعنوان Responding to Suffering and Persecution نشرتها Karen King في كتاب لـ Eduard Iricinschi بعنوان The Apocalypse of Peter in Context، بتقول King في ص69 إن “رسالة بطرس إلى فيلبس لا تُنكِر حقيقيَّة تجسُّد وآلام يسوع: الرَّب جاء في الجَسَد بالحقيقة، وبالحقيقة تألَّم. لهذا أيضاً فأتباعه سيُعانون الإستشهاد خلال كرازتهم بالإنجيل لينالوا الخلاص لأنفسهم وللآخرين. ولكن في الوقت نفسه، الجَسَد ليس هو الذات الحقيقيَّة ولن ينال الخلاص.” ونصّ رسالة بطرس إلى فيلبس نفسه بيقول (ودي ترجمة Frederik Wisse، هاتلاقيها في كتاب The Nag Hammadi Library in English لـ James M. Robinson، ص436): “وفتح بطرس فمه وقال للتلاميذ: “هل أرانا الرَّب يسوع كُل شيء حين كان في الجَسَد؟ لأنّه نزل. يا إخوتي، إسمعوا صوتي.” وحينما إمتلأ بالرُّوح القُدُس. وهكذا تكلَّم: “يسوع الذي أنارنا نَزَلَ وصُلِب. وحَمَل تاجَ الشَّوك. ولبس الرداء القرمزيّ. وصُلبَ على شجرة ودُفِنَ في قبر. وقام من الأموات. يا إخوتي، يسوع غريب عن هذه المُعاناة. ولكننا نحنُ من تألَّمنا من خلالِ تعدِّي أمنا (حواء). ولأجل هذا فعل كل شيء، مثلنا. لأن الرَّب يسوع، الإبن الذي للآب غير محدود المَجد، هو (يسوع) كاتِب حياتنا. إخوتي، دعونا إذا لا نسمَع للذين لا قانون لهم.”

من الآخِر النصّ ده بيقول تماماً عكس اللي المُدَّعي عايز يثبته. ف نتعلم من كده إن لما نقرا لحد مش متخصص نراجِع وراه. القصقصه من الكتب لا تصنَع معرفه. ده حتى لو كان قرا النصّ نفسه كان شاف إنه بيقول عكس كلام الفغالي!

بكده نكون خلصنا النّصوص اللي بيقتبسو منها، الباقي فرق شاع عنها إنها بتقول بنفي الصَّلب لكن كتاباتها مفقوده، وهانشوفهم في الأجزاء اللي جايه.


7- بازيليدس السَّكندري

ده بقا هايكون واحد من أهم الفصول في السِّلسله إن مكانش أهمها، والسَّبب إننا هنا فعلاً بنتعامِل مع مُؤسس جماعه غنوسيَّه يُنسب له إنه نفي الصَّلب، وعلى الأرجَح هو مصدَر القصَّه دي اللي تناقلته المَصادِر التَّاليه اللي عملت نفس الإدعاء، وهو تحديداً أوّل حد يُنسب إليه إنه قال إن الشبيه هو سمعان القيرواني. ف تعالو نشوف بازيليدس ده قصّته إيه، بس قبل ما نبدأ خليني أقولك مسار كان ممكن أمشي فيه بس مش هاستخدمه، المسار ده إني أرُصِّلك أقوال آباء بتقول بازيليدس ده راجِل شرير وأعماله لا أخلاقيَّه وإنشَق عشان رفضو يرسموه أسقف وإنه ترك الإيمان وقت الإضطهاد (راجِع الكلام اللي نقله يوسابيوس القيصري عن كاتِب مُدافِع من القرن التّاني إسمه Agrippa Castor، يوسابيوس في تاريخ الكنيسة 4: 7: 7) وما إلى ذلك من التّهم اللي بناءاً عليها نُسقِط صلاحيِّته. السَّبب اللي هايخليني معملش الإدعاء ده هو إن أي جماعه لما بتناقش أقوال مُنشَق عنها بتوصمه بوصم أخلاقي وده مش بالضَّروره يكون بيعكس صوره تاريخيَّه عنّه، ف مش هاناخد توصيف لأخلاق وشخص بازيليدس من مُخالفيه وهانكتفي فقط بتقصِّي اللي ممكن نعرفه عنّه في حدود موضوع البحث.

مَبدئياً بازيليدس كان مُعلِّم سكندري نَشَط بين 120 و 140م (راجِع James A. Kelhoffer، في ورقته البحثيه بعنوان Basilides’s Gospel and Exegetica، ص115). يُحتَمَل إن فترة نشاطه تحديداً كانت حوالي 132م في الإسكندريه، وده تحديد بيوصلُّه B. A. Pearson في ورقه بعنوان Pre-Valentinian Gnosticism in Alexandria (مذكوره في حاشية مقال Kelhoffer، ص115)، وإستنتاجه مبني على تأريخ كليمندس السكندري لنشاط بازيليدس في الإسكندريه في وقت الإمبراطور هادريان (117-138م) وأنطونيوس بايوس (138-161م)، ويوسابيوس القيصري بيقول إن بازيليدس عاش في الإسكندريه في السنه السادسه عشر من حُكم هادريان (يعني سنة 132م)، وجيروم في كتاب De Viris Illustribus (بيُترجم لكتاب “مشاهير الرجال”) بيقول إن بازيليدس مات في الإسكندريه في نفس وقت ثورة بار كوخبا (ثورة اليهود التانيه)، وده معناه إن بازيليدس كان تقريباً نشِط في الإسكندريه ما بين 132 و 135م.

اللي نعرفه عن بازيليدس من الآباء اللي إقتبسوا منه هو فقط أربع أو خمس فقرات قصيره. الأولى عند هيبوليتوس، في الفقره دي بيحاول بازيليدس يشرح حالة العدم الكامل، ف بيقول ما معناه إن كان في مرحله من العَدَم الكامل اللي مفيهوش مادّه ولا جوهَر ولا فراغ من المادَّه ولا بساطه ولا إستحاله للتركيب ولا ملاك ولا إنسان ولا الله، وبيقول “كُل شئ يُمكن للإنسان أن يعطهِ إسماً لم يكن يوجَد” (هيبوليتوس، كتاب تفنيد جميع الهرطقات، الكتاب السابِع، الفصل الثّامِن).

الفقره التانيه وهي الأطول، موجوده في كتاب المُتفرقات لكليمندس السَّكندري (ما بين 4: 81: 2 و 4: 83: 2)، في الفقره دي بيناقش علاقة الألم بالخطيَّه من منظور فلسفي، والأجزاء دي مفيهاش إقتباسات كتابيه، بس من المُلفت للنَّظر إن بازيليدس في معرض مناقشته لكون الخطيّه مُسبِّبه للألم أو بمعنى آخَر مُبرِّر للألم والمعاناه بيقول إن الإنسان اللي ينوي الزنى هو زاني والإنسان اللي ينوي القتل هو قاتل حتى وإن لم ينجح في الفِعل، وبعدها بيقول إنه لو شاف إنسان بيُعاني ولا يُعرف عنه الخطأ هايلومه بردو على إنه بالتأكيد نوى الخطيَّه، وبيقول إنه شايف إن أي فكره هاتكون أرجح من إن العنايه الإلهيه تكون شرِّيره. بيكمل بعد كده وبيتكلم عن “السيِّد” (بتعبير كليمندس) وبيقول “ولكن دعونا نفترض أنك تركت هذه الأمور جانباً وحاولت أن تُحرِجَني بالإشارة لبعض الشَّخصيَّات، رُبَّما تقول: “بناءاً على ما قُلت ينبغي أن فلان قد إرتكب ذنباً لذا تألَّم!”. إن أذنت لي، سأقول أنه لم يُخطيء، ولكنه كان كمولودٍ جديد يتألَّم. ولكن إن أصررت على دفعِ سؤالك سأقول أن كلّ إنسان يُمكن أن تذكره هو إنسان. الله صالح! لأنه لا أحَد طاهِرٌ من الدَّنسِ، كما قال أحدهم قبلاً.”

الفقره التالته بردو عند كليمندس السكندري، في المُتفرِّقات 4: 86: 1، وبيقول فيها “نحن نفترض أن جُزءاً أوّلاً من مشيئة الله أن يُحِبَّ الجميع، وثانياً ألّا يرغَب شيئاً، وثالثاً ألّا يكره شيئاً”.

أما الأخيره ف هي من عند أوريجينوس، في تعليقه على رسالة روميه، في الفقره 1015 B بيقول: “بالفِعلِ قال الرسول (بولس) “أما أنا فكنت قبل الناموس عائشاً قبلاً” في وقتٍ سابِق أو غيره. أي قبل أن آتي في هذا الجَسَد، عِشت في جسدٍ لا يخضَعُ للنَّاموس. جَسَد حيوانٍ أو طائر.”

في فقره خامسه منقوله بالمعنى، بيقول فيها: “واحد في كل ألف وإثنان في كل عشرة آلاف فهموا الحقيقة” (نقلها إيرينيوس في ضِد الهرطقات 1: 24: 6، وأبيفانيوس في باناريون 24: 5: 4، راجِع الحاشيه رقم 3 من كتاب Simon Gathercole بعنوان The Gospel of Thomas: Introduction and Commentary، ص313).

الفقرات دي بالرَّغم إنَّها بسيطه وقصيره ممكن تساعدنا نفهم بعض الجوانِب في فِكر بازيليدس. وهانرجعلها تاني بعد ما نشوف الإشارات اللي تخص موضوعنا وهو صَلب يسوع. الفقره اللي تهمنا بخصوص الصَّلب مذكوره عند إيرينيوس في ضِد الهرطقات 1: 24: 4، وبحسب Kelhoffer في الورقه سابقة الذكر ص118، بيقول إن ده كلام بينقله إيرينيوس عن بازيليدس مش نصّ كلام بازيليدس: “لقد ظهر على الأرض وصنع المُعجزات. لذا هو نفسه لم يتألَّم. بل (شخص ما يُدعي) سمعان القيرواني أُجبِرَ أن يحمل صليبه عنه. لقد كان هو (سمعان) الذي صُلِبَ بالجهِل والخَطأ، لأنّه (يسوع) ظهر فيه، لكي يُظَن أنه (سمعان) هو يسوع. وأيضاً أخذ يسوع صورة سمعان ووقف يسخَر منهم ضاحكاً.”

زي مانت شايف كده النصّ فيه غموض كبير في الضمائر، وده إحتاج إن المُترجم للإنجليزي يحط الأسماء بين أقواس زي ما كتبتهالك كده. بس خلينا نلاحِظ كام نقطه. النصّ الإنجليزي بيقول a certain Simon of Cyrene، وكلمة certain دي في النصّ اليوناني τινα وفي اللاتيني quondam، ولو قارنت الأناجيل التلاته الإزائيين هاتلاقي كلمة τινα موجوده في مرقس (16: 21) ولوقا (23: 26) مش في متَّى، ف بناءاً على الصّيغه المُستخدمه دي لو إيرينيوس كان أمين لنصّ كلام بازيليدس يبقا بازيليدس عارف نصّ مرقس لوقا تحديداً. ونفس الكلام في اللاتيني، لو ركزت في عِبارة إيرينيوس Simonem quendam Cyrenaeum angariatum هاتلاحِظ إنها مُتشابهه مع تركيب نصّ لوقا في الترجمه اللاتينيه بس مفيش الفِعل angariatum من “angario” اللي بمعنى الإجبار، في لوقا في بداله “أمسكوه” من “prehendo” بدل “أجبروه”)، لكن في مرقس في نفس الفِعل “angario” اللي إستخدمه إيرينيوس). من الواضِع إن صياغة إيرينيوس لكلام بازيليدس بتدمِج القرائتين اللي في مرقس ولوقا في الترجمه اللاتيني بحيث يكون ترتيب الجُمله شبه لوقا بس الفِعل أجبروه جي من مرقس. الفِعل المُستخدم في كلام إيرينيوس “أجبروه” موجود في مرقس ومتَّى لكن مش موجود في لوقا. عشان كده Kelhoffer (مقاله السَّابِق، ص119) بيقول إن الفقره دي من كلام بازيليدس متأثّره بمرقس 15: 21 أو متّى 27: 32 أو دمج للإتنين، وبيقول إننا مش هانقدَر نفصل في المسأله. بس الظَّاهِر من تركيب النصّ إن النص ده بيعكس معرفه بنصّ مرقس (أو متَّى) ويمكن لوقا.

اللي نعرفه لحد دلوقتي إن بازيليدس كتب 24 مُجلَّد (راجِع مُراجعة Alastair H. B. Logan لكتاب Basilides und seine Schule لـ Winrich A. Löhr، المُراجعه منشوره سنة 1996 في دورية Hermathena، عدد 161)، بس ال 24 مُجلَّد دول محدش عارف كانو إنجيل ولا شروحات لفِكره، باحثين زي Walter Bauer و Werner Foerster و Gerhard May و Andrew Gregory شايفين إنه كتب إنجيل فعلاً، وباحثين زي Theodore Zahn و Hans Windisch و Robert Grant و Bentley Layton و M. J. Edwards و Christoph Markschies شايفين إنه مكتبش إنجيل لكن كتب تعليق على أناجيل ونصوص أخرى (راجِع مقال Kelhoffer، ص116-117). والشذرات اللي عندنا من كتاباته مفيهاش إقتباسات مُباشره من نصوص العهد الجديد غير روميه 7: 9 والنصّ بتاع سمعان القيرواني اللي إمّا من متَّى أو من لوقا أو مش من عند الإتنين، وغالباً مش هانعرف. بازيليدس يعرف كتابات بولس وبيستخدمها، و Löhr قدِّم بعض الأدله في كتابه على إن مارسيون كان يعرف إنجيل لوقا كمان، وده بناءاً على تحديد بازيليدس لوقت ميلاد يسوع، وده عرفناه من كليمندس السكندري في المتفرقات 1: 145: 6 إلى 1:146: 4 (راجِع مقال Logan، ص103)، و Logan نفسه بيرجّح إن بازيليدس علَّق على لوقا 21: 9-19 وإحتمال متَّى 24: 6-14 (المرجع السَّابِق). نفس فكرة معرفة بازيليدس بنصّ لوقا بيتكلم عنها Kelhoffer في ص122، وبيقول إن في شاهِد تاني لكلام مارسيون، نصّ تاني إسمه Acta Archelai et Manetis، في الفقرات 67: 5-11 بيعكس معرفة مارسيون بمثل الغني ولعازر في لوقا 16: 19-31. اللي بيستنتجه Kelhoffer في ورقته البحثيه إن العَمَل الضخم بتاع بازيليدس كان على الأقل جزئياً هو تعليق على نصوص إنجيليَّه.

تعالى بقا نلم الكلام ده كله مع بعضه. مبدئياً بازيليدس يعرف بعض نصوص العهد الجديد. من الإقتباسات البسيطه اللي وصلتلنا من كتاباته هو عارف رسالة رومية، ومن باقي النقط اللي ناقشناها هو عارف قصة صَلب المسيح في نُسختها الإزائيه (اللي في مرقس ومتَّى ولوقا)، بعض الدّارسين بيرجَّحو إنه يعرف نُسخة لوقا تحديداً وده من خلال معرفته بمعاد ميلاد المسيح وبعض الأمثال، زي Löhr، وفي ناس زي Kelhoffer شايفين إن كلامه عن الصَّلب اللي نقله إيرينيوس بيعكس معرفه بمرقس أو متّى، وأنا شاورتلك على تشابُه تاني مع قراءه في لوقا. في المُجمل من الظَّاهِر إن بازيليدس كان عارف بعض النصّوص من الأناجيل الإزائيَّه أو واحد منها على الأقل. بازيليدس أعاد قراءة قصة الصَّلب اللي وصلته في الأناجيل الإزائيَّه في ضوء المزمور التاني (وده رأي Robert M. Grant، راجِع ورقة Kelhoffer ص118)، في ضوء فهمه للعلاقه بين العنايه الإلهيه والألم والخطيَّه. بازيليدس في الفقرات اللي نقلها كليمندس بيقول إن كلّ ألم بالضّروره مُرتبط بالخطيَّه أو على الأقل الميل ليها سواء الميل ده إتحقق أو لأ. وبازيليدس بيقول إن حتى لو كان قدامه شخص بلا خطيَّه ظاهره وبيُعاني ف بازيليدس هايميل لكون الشخص ده أخطأ بالرَّغبه في الخطيَّه حتى وإن لم يفعل الخطيَّه لأن الشَكّ في صلاح الشَّخص أسلَم من الشَّكّ في عدالة العنايه الإلهيّه. طب ده يأثر في قصة صَلب يسوع إزاي؟

يسوع عند ما يسمى التيّار الأرثذوكسي (التسميه دي anachronistic بس هاستخدمها على سبيل التوضيح بس) أو عند الغنوسيين هو كائن إلهي، الكائن الإلهي ده بلا خطيَّه، طب إن كان الألم ناتج عن الخطيَّه ويسوع بلا خطيَّه يبقا إزاي يسوع إتألِّم؟ هنا بازيليدس إستخدم حاجتين عشان يتخلَّص من المُشكله دي. المقدمه الأولى عند بازيليدس إن يسوع بالضّروره لم يتألَّم لأنَّه لم يُخطيء، والتخريجه بتاعته جت من خلال قراءته للمزمور التاني: “لماذا إرتجَّت الأمم، وتفكَّر الشُّعوب في الباطل. قام ملوك الأرض، وتآمر الرُّؤساء معاً على الرَّب وعلى مسيحه، قائلين لنقطع قيودهما، ولنطرح عنَّا ربطهما. السَّاكن في السَّماوات يَضحك. الرَّبُ يَستهزئ بهم”. فكرة المسيح اللي بيقف بعيد يشوف الخدعه اللي عملها إله العهد الجديد ضِد إله العهد القديم هي إسقاط تفسيري من بازيليدس على قصّة صَلب المسيح اللي هو عارفها من الأناجيل الإزائيَّه. النقطه التّانيه اللي على الأرجح خلت بازيليدس يوصل لحَل إن سمعان القيرواني هو اللي إتصلب بدل يسوع هو غموض الضمائر في نص مرقس (15: 21-25)، إقرا معايا النصوص دي بتركيز عشان تشوف بازيليدس عمل إيه:

“فَسَخَّرُوا رَجُلًا مُجْتَازًا كَانَ آتِيًا مِنَ الْحَقْلِ، وَهُوَ سِمْعَانُ الْقَيْرَوَانِيُّ أَبُو أَلَكْسَنْدَرُسَ وَرُوفُسَ، لِيَحْمِلَ صَلِيبَهُ. وَجَاءُوا بِهِ إِلَى مَوْضِعِ «جُلْجُثَةَ» الَّذِي تَفْسِيرُهُ مَوْضِعُ «جُمْجُمَةٍ». وَأَعْطَوْهُ خَمْرًا مَمْزُوجَةً بِمُرّ لِيَشْرَبَ، فَلَمْ يَقْبَلْ. وَلَمَّا صَلَبُوهُ اقْتَسَمُوا ثِيَابَهُ مُقْتَرِعِينَ عَلَيْهَا: مَاذَا يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ؟ وَكَانَتِ السَّاعَةُ الثَّالِثَةُ فَصَلَبُوهُ.”

هنا الضَّمائر غامضه، بعد الكلام عن سمعان القيرواني بتظهر الضمائر للغائب المُذكَّر المُفرَد في الكلمات “صليبه”، “أعطوه”، “صلبوه”، “ثيابه”، “صلبوه”. اللي عمله بازيليدس هنا إنه شاف في الغموض ده اللحظه المُناسبه لإجتناب يسوع للمعاناه، زي ما قولنا قبل كده، يسوع كيان إلهي بلا خطيَّه ولا يجِب أن يُعاني لأن ده من عَدل العنايه الإلهيَّه، ف بازيليدس فسر كل الضمائر دي كإشاره لسمعان مش ليسوع.

في جانِب تاني سياسي مُهم نعرفه، ذكره Bentley Layton في ورثه بعنوان The Significance of Basilides in Ancient Christian Thought، ص145. منطقة قيروان في ليبيا كانت كانت منطقة صِراع عنيف جداً ما بين اليهود والأمم، وده كان في حدود سنة 115-116م. واليهود قتلو مئات الآلاف من الساكنين الأمم هناك، والأمميين اللي هربو من قيروان وراحو إسكندريه نظَّمو مذابح رهيبه ضِد اليهود السكندريين. قراءة بازيليدس من الوارِد جداً تكون قراءه سياسيَّه الهدَف منها تُلقي باللوم على سمعان القيرواني كممثل ليهود قيروان اللي عليهم دم الآلاف من الأممين هناك.

ختاماً، قراءة بازيليدس زي ما شوفنا مش بتعكس رؤية مؤرِّخ تحت إيده مَصادِر تاريّخيَّه مُبكِّره مُستقِلَّه بتقدم سَرديَّه تاريخيَّه بديله عن الصَّلب، ولكنها رؤية لاهوتي ومُفسِّر بيحاول يُعيد قراءة النصّ من خلال رؤيته اللاهوتيَّه ومن خلال تحريكه لمعاني التراكيب النحويَّه ودلالاتها. بازيليدس بعيد زمانياً ومكانياً عن حدث الصَّلب، وبازيليدس مبيحكيش قصّه مُختلفه، ولكنَّه بيحكي نفس القِصّه المعروفه للصَّلب بس بيقول إن يسوع غير المُستحق للألم بالتأكيد إجتنب الألم لأن حاشا للعنايه الإلهيه أن تكون ظالمه.


8- مارسيون

بعد ما ناقشنا بازيليدس، هانشوف دلوقتي شخص تاني بيُدَّعى إنه أنكَر الصَّلب، والمُدِّعي بيصيغ إدعاؤه كالتّالي: “(1) مارسيون إتولد سنة 120، (2) مارسيون عاصِر بوليكاربوس وإتكلم عنه يوستين الشهيد وترتوليان وأثناسيوس، (3) إتبعه الكثيرين في روما، (4) كان واحد من اللي حاربتهم الكنيسه لإعتقاده بنجاة المسيح من الصَّلب”. يهمنا منهم النقطه الرّابعه واللي هانشوف منها إن اللي بيدّعي الإدعاء ده عامل زي الغريق اللي بيتعلَّق بقشّه، لأن أيّ حد قرا عن مارسيون هايعرف إن مشكلته كانت حاجه تانيه خالص غير قصّة الشَّبيه أو نجاة المسيح. عامة المُدَّعي بيستدل بكتاب “تاريخ الكنيسة: عصر الآباء من القرن الأول وحتّى السَّادِس” لـ John Lorimer، ف غالباً الأخ المُدَّعي قالك جون لوريمر يبقا راجل أجنبي و authority وكده، بس للأسف الكتاب ده محلِّي الصُّنع ومعمول تبع كلية اللاهوت الإنجيليه، ف تلاقيه في التفاصيل مش أد كده.

لو عايز ترجَع لمتخصص، عندك مثلاً David Litwa وهو متخصص في العهد الجديد والغنوسيَّه، وكنت هاتلاقيله مقال على موقعه عن الموضوع بعنوان Marcion: the Best Evidence for Ancient Mythicism بتاريخ 19 إبريل 2024، بيقول في المقال: “الآن، ينبغي أن أكون واضحاً. مارسيون كان مسيحيَّاً، تابعاً وعابداً للمسيح. هو نفسه لم يعتقِد أن الإنسان يسوع كان أسطورة. لم يُنكِر أن صلباً حقيقيَّاً قد حدث، ولا العشاء الأخير، أو قيامة حقيقيَّة. ولكن المادَّة التي أُضيفَت إلى إنجيل مارسيون −كل ما يُسمَّى بالنبوَّات وقصَّص الميلاد وسلاسل الأنساب− هي أسطورة بالكامل. الماده اللي يقصدها Litwa هنا هي الأجزاء اللي مارسيون إتهم كنيسة روما بإضافتها وكنيسة روما إتّهمته بحذفها، زي ما هانشوف في الفصل ده. طبعاً الفصل ده كان ممكن أقفله هنا وخلاص على كده لأن المُدَّعي بيقصقص وخلاص وما صدّق لقا كتاب قاله اللي هو عايزه ف البحث بالنسباله خلص على كده، وطلع كلامه مُجرّد كلام فارغ. المُشكله إنه حتى لما نقل كلام جون لوريمر زوِّد عليه وقال إن الكنيسه إضطدهت مارسيون عشان علِّم بنجاة المسيح، يعني حتّى في النَّقل مش أمين. بس عشان يبقا الموضوع مُفيد هاكمِّل كلام عن مارسيون ونشوف المراجِع المُتخصصه بتقول إيه عنّه وعن خلافه مع الكنيسه وعن مُحاولات الباحثين لإعادة تكوين إنجيله المفقود … خلينا نبتدي من الأوّل.

مارسيون كان من عيله غنيّه من مدينة سينوب Sinope (مدينه مُطلّه على البحر الأسود، مكانها في آسيا الصغري أو ما يُسمَّى حالياً تُركيا) وكان شغال في شيء مُرتبط بالبَحر (والبعض قال إنه من منطقة Pontus)، ترتوليان بيقولنا إنه كان بنّاء سفُن ναύκληρος و رودو تلميذ تاتيان بيقول إن مارسيون كان بحَّار ναύτης (راجِع Sebastian Moll، في كتاب The Arch-Heretic Marcion، ص29)، واحد تاني من أدلة إنه من عيله غنيَّه كان إنه عمَل تبرُّع لكنيسة روما بحوالي 200.000 سسترس (الـ sesterces يُعادِل رُبع ديناريوس)، وده كان يُعادِل تمن بيت في روما (راجِع Moll، ص30). مارسيون إتولد ما بين 100-110 (بحد أقصى 120م) وعاش لحد بداية النصف التاني من القرن التّاني، وغالباً مات حوالي سنة 160م، قبل بداية حُكم ماركوس أوريليوس.

مارسيون كان معاه كتابين، الكتاب الأوّل إسمه ΕΥΑΓΓΕΛΙΟΝ أو الإنجيل (من غير κατὰ أو بحسب فلان) وكان معاه جُزء من رسايل بولس في كتاب إسمه ΑΠΟΣΤΟΛΙΚΟΝ الأبوستوليكون (Dieter T. Roth، كتاب The Text of Marcion’s Gospel، ص1)، الرسايل اللي كان بيعتبرها صحيحة النسب لبولس هي غلاطيه وكورنثوس الأولى والتانيه وروميه وتسالونيكي الأولى والتانيه وأفسس (أو رسالة لاوديكية) وكولوسي وفيليبي وفليمون (Moll، ص87) (وراجِع كمان كتاب Jason David Beduhn، بعنوان The First New Testament: Marcion’s Scriptural Canon، ص209(، . لحد وقت Adolf von Harnack كان الرأي الأكاديمي موافق للرأي الكنسي، وهو إن مارسيون قصقص أجزاء من أناجيل لوقا ومن رسايل بولس وعمل “قانون” للعهد الجديد من خلال إخلاء النصوص سابقة الذكر من أي محتوى يُمت للعهد القديم بصله. ولكن .. مؤخراً بقا في trend في الأكاديميا لمُراجعة الفكره دي، وفي باحثين شايفين إن إنجيل لوقا وقائمة رسايل بولس هي نُسخه مُطوَّله من النصوص اللي كانت مع مارسيون. أياً كان، الخناقه اللي كانت ما بين مارسيون والكنيسه مكانش ليها أي علاقه بموضوع الصَّلب، لأن مارسيون مأنكرش الصَّلب والموت والقيامه زي ما قال Litwa وزي ما هانشوف آراء تانيه لمتخصصين في مارسيون، ولكن الخناقه كانت حوالين أفكار تانيه خاصّه بلاهوت مارسيون والأهم هو الخلاف حوالين إنجيل لوقا ورسايل بولس، مارسيون قالهم إنتو معاكو نُسخه أطول من إنجيل لوقا، وهم قالوله إنت اللي قصقصت الإنجيل اللي معاك وشيلت منه الإشارات المُرتبطه باليهوديَّه. هاتقولي ما المارسيونيين قالو كذا في القرن التالت والرَّابِع، هاقولك ببساطه مارسيون مش هو المارسيونيَّه، ومارسيون مش هو المارسيونيين. المارسيونيَّه إستمرت مع ما مارسيون مات، وإختلطت بتيَّارات مُختلفه من الغنوسيَّه، لكن اللي يهمنا هو الشّخص اللي عاش قُريِّب من القرن الأوّل ومؤسس الحركه نفسها.

عشان نركِّز في موضوع علاقة مارسيون بصلب وموت يسوع على الصَّليب، هانسيب تفاصيل مُعتقد مارسيون على جنب دلوقتي، وهانركِّز في مُحتوى إنجيله. في كذا إعادة بناء لإنجيل مارسيون، لنذكر على سبيل المثال لا الحَصر تلاته من أهم الباحثين في الموضوع، وهم Dieter Roth و Judith Lieu و Matthias Klinghardt (وقد يكون Markus Vinzent كمان عامل reconstruction، بس لسه معرفتش أوصله ولو وصلتله هاضيفه). هاتلاقي إعادة بناء Roth لإنجيل مارسيون في كتاب بعنوان The Text of Marcion’s Gospel، صدَر سنة 2015، وهاتلاقي الجُزء الخاص بالصَّلب في ص410. أمال ال reconstruction بتاع Judith Lieu هاتلاقيه في كتاب Marcion and the Making of a Heretic، صدر سنة 2015، وهاتلاقي جُزء الصَّلب والقيامه في ص216. وإعادة البناء التالته في كتاب Klinghardt بعنوانThe Oldest Gospel and the Formation of the Canonical Gospels: Inquiry, Reconstruction, Translation, and Variants، صدر سنة 2020، وهاتلاقي الصَّلب وموت يسوع في ص1194. يعني المتخصصين مبيقولوش إن مارسيون بينكر الصَّلب، بالعكس، مارسيون كان عنده فقرات الصَّلب في إنجيله، وحتى لما كنيسة روما إتّهمته بحذف فقرات من إنجيل لوقا مكانش من ضمنها الصَّلب. كان في نصوص مُحيطه بالصّلب، زي إن يسوع صُلِب كملك اليهود، وزي الأجزاء اللي بتُشير لنبوات ونصوص العهد القديم، لكن الصَّلب نفسه مكانش مُشكله بالنسبه لمارسيون.

ختاماً، بيقول Jason David Beduhn في الكتاب سابِق الذِّكر في ص83 إن بالرغم من الأفكار المنسوبه لمارسيون في كتابات الآباء زي الدوسيتيه وغيره إلا إن رواية الصَّلب والقيامه هي روايه تقليديه في إنجيل مارسيون، وبنلاقي إشارات ليسوع عن موته، عن جسده ودمه، عن آلامه، وبيكمل Beduhn وبيقول إن اللي بنشوفه في إنجيل مارسيون يختلف عن التحريرات اللي بينسبها الآباء لمارسيون، الفكره هنا إنه عايز يقول إن التصوُّر اللي نسبه الآباء لمارسيون مش دقيق بدليل إن في حاجات في إنجيل مارسيون بتُخالف اللي الآباء بينسبوهوله. و Moll في الكتاب اللي إتكلمنا عنه من شويه بيقول إن موت يسوع على الصَّليب كان شديد الأهميّه لمارسيون، وبيقول إن بوليكاربوس لما كان بيلمّح لإنكار مارسيون للصَّليب إمّا كان بيرمي مارسيون بتهمه أو إنه مكانش عارف فِكر مارسيون بخصوص الصَّليب كويس أو إنه كان بيفترض إن إنكار جَسَد يسوع بالضَّروره معناه إنكار الصَّليب، وبيقول Moll إن حتى القيامه مارسيون مأنكرهاش (ص13). نقطه أخيره، Beduhn في صفحة 209 لما إتكلم عن الأبوستوليكون قال إن محتوى إن نسخ مارسيون من كورنثوس الأولى والتانيه وتسالونيكي الأولى والتانيه وأفسس وفيليبي وفليبي متطابق مع النُسخ المعروفه عندنا (قال بالنصّ identical versions)، ف ده معناه إن كل الإشارات بتاعت موت المسيح وصلبه وقيامته كانت عند مارسيون عادي. يعني مارسيون مأنكرش الصَّلب ولا حاجه، ونقول للمُدَّعي متبقاش تنقل من حَد مش مٌتخصص.


9- الأبيونيين والنَّازوريم

سنة 1718 نشر John Toland كتاب بعنوان Nazarenus بيناقش فيه الأصول اليهوديَّه للمسيحيَّه. وكان Toland مُهتم بفكرة إنجيل برنابا وشايفه وسيله مفيده لنقد المسيحيَّه. أطروحة Toland كانت إن الأبيونيين والناصريين (النّصارى) يؤمنو بنفس ما يُخبِر به إنجيل برنابا وبالتّالي كانو بيقولو إن يسوع متصلبش وبداله إتصلب سمعان القيرواني (راجِع مقال The Invention of Jewish Christianity in John Toland’s Nazarenus، لـ Matt Jackson-McCabe، في كتاب The Rediscovery of Jewish Christianity: From Toland to Baur، ص75-76). طب هل ده الرأي الأكاديمي اللي بيقوله المتخصصين في المسيحيّه المُبكِّره والكتابات غير القانونيّه؟ لأ، خلينا نشوف مثلاً مثال Michael Goulder بعنوان Hebrews and Ebionites، ص398-399. بيقول Goulder “إعتقد الأبيونيِّون أن المسيح كان كياناً سماويَّاً من درجةٍ ثانية وقَد حَلّ في يسوع في المعموديَّة. … علم الأبيونيِّون أن الكيانات الرُّوحِيَّة لا تتألَّم، لذا إنسحب المسيح من يسوع قَبل الآلام وتألَّم يسوع الإنسان وحَده”.

يعني بناءاً على كلام Goulder، مفيش لا شبيه ولا أي حاجه من الكلام ده، وكلام Toland مُجرَّد كلام خاطيء ناتِج عن تأثُّره بقراءة إنجيل برنابا اللي لما درسناه طلع نصّ من القرون الوسطى مالوش أي قيمه تاريخيَّه. الأبيونيين مأنكروش موت يسوع على الصَّليب، فقط فصلو يسوع عن المسيح وبالتَّالي مات الإنسان يسوع على الصَّليب بمعزَل عن الطبيعه السماويه اللي صاحبته من معموديَّته لحد ما قبل صلبه.

ممكن نروح كمان لكتاب Hans Joachim Schoeps، بعنوان Jewish Christianity: Factional Disputes in the Early Church، ص5، بيقول إن تقاليد المسيحيَّه اليهوديَّه بتاعت الناصريِّين أو الـ Nazorim بتقول إن حَصَل شِقاق كبير (بيشرح تفاصيل الشِّقاق في ص40) في السنه السَّابعه من موت يسوع. يعني موت يسوع بالنِّسبه للفئه المُسمَّاه بالأبيونيين أو الناصريين كانت بتأرَّخ أحداثها الكُبرى بموت يسوع، ف هل من المنطقي يكونو بينكرو صَلبه ويأرَّخو بموته؟ وفي ص62-63 بيقول Schoeps إن إنجيل الأبيونيين كان فيه فقرات عن القيامه، ف هل هايبقا ليسوع قيامه بدون ما يموت أو لو حد تاني مات بداله؟ وبيوضح أكتر في ص83 إن الأبيونيين مأنكروش الصَّلب ولكن أنكرو لاهوت بولس اللي بيضَع وَزن كَفَّاري لموت يسوع. وفي ص113 بينقل عن أبيفانيوس أسقف سلاميس إن الأبيونيين كانو بيعتبرو المعموديّه طقس محوري جداً زي الأرثذوكس بالظبط، وكمان كان عندهم طقس بيُمارس سنويَّاً في ذِكرى موت يسوع.


Similar Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *